أثارت رسالة مفترضة وجهها نائب وزير الدفاع الجزائري، رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح لتهنئة أمين عام حزب الغالبية جبهة التحرير الوطني، عمار سعداني، إثر انتخابه مجدداً في منصبه خلال المؤتمر العاشر للحزب، ردود فعل مستغربة في الجزائر وتساؤلات حول ما إذا كانت المؤسسة العسكرية قررت إنهاء ما تعلنه من «نأي بالنفس عن الحساسيات والحسابات السياسية». وتوجه قائد أركان الجيش إلى أمين عام جبهة التحرير مستخدماً لقب «الأخ» وفق ما جاء في الرسالة التي نشرتها جريدة «لوسوار دالجيري» الناطقة بالفرنسية، ولم تكذبها أو تنفها وزارة الدفاع الجزائري. وأثنت الرسالة على حصول سعداني على الإجماع خلال المؤتمر الأخير للحزب الذي عقد في الفترة الممتدة من 28 إلى 30 أيار (مايو) الماضي، داعياً له بالنجاح في مهمته «الصعبة». وأشار صالح إلى مكانة حزب جبهة التحرير الوطني على الساحة السياسية الجزائرية، حيث يبقى «القوة السياسة الأولى في الجزائر من دون شك بالنظر إلى رصيده الثوري والتاريخي وقاعدته الشعبية الواسعة التي تضم فئات اجتماعية متنوعة». وفاجأت رسالة قائد الأركان أوساطاً كثيرة رأت فيها خرقاً للإجماع الوطني حول المؤسسة العسكرية التي ظلت تكرر من خلال مجلة الجيش الناطقة باسمها أنها تنأى بنفسها عن الحساسيات السياسية، ففي افتتاحية المجلة في تموز (يوليو) 2014 كتبت: «أما اليوم وبعد ربع قرن من اعتماد التعددية الحزبية وانسحاب الجيش من الساحة السياسية نهائياً، تم التفرّغ لبناء جيش عصري محترف، يؤدي مهماته الدستورية، مع الحرص الكامل على النأي بنفسه عن كل الحساسيات والحسابات السياسية». واعتبر صالح أن حزب جبهة التحرير الوطني يبقى عنصر توازن على الساحة السياسية، حاملاً هاجس خدمة المصالح العليا للوطن، مضيفاً أن الجبهة «تبقى أكثر من أي قوة أخرى حاملةً ذكريات تاريخنا المجيد، وتضحياته الجسيمة». وكرر في ختام الرسالة، تقديم تهانيه لسعداني، وقال: «أدعو الله أن يعينك ويعين أبناء الجزائر الشجعان ليتسنى لك مواصلة المهمة النبيلة الملقاة على عاتقك والحفاظ على شعلة حب الوطن وروح التضحية التي يجب أن تظل راسخة إلى الأبد في الأذهان». وتأتي رسالة قائد أركان الجيش إلى سعداني، بعد تلك التي تلقاها من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في اليوم الأول للمؤتمر العاشر للحزب، ومنحه فيها ورقة بيضاء لقيادة الجبهة والمضي في مشروع «التجديد». في المقابل، تساءل ناصر حمدادوش القيادي في «تكتل الجزائر الخضراء» الذي يضم ثلاثة أحزاب إسلامية معارِضة: «ألا تُعتبَر هذه التهنئة توريطاً للمؤسسة التي يمثلها في فضيحة مدوية ومن العيار الثقيل وفي شكل علني ورسمي، عبر تدخل المؤسسة العسكرية في الحياة السياسية؟».