أظهرت إحدى القضايا التي نظرتها المحكمة العامة في الرياض قبل سنوات، جدلاً بين صاحب عمل، ومكفوله الذي لقي حتفه في «بركة للسمك»، تسللت روائحها الكريهة إلى العامل أثناء تنظيفه إياها، فغادرها صريعاً إلى المستشفى. إلا أن القاضي رفض الحكم لورثة العامل بأي عوض، معللاً ذلك بأن العامل ذهب إلى حتفه مختاراً، وفي ما يأتي نص صك القضية: لدي أنا خالد بن عبدالله اللحيدان القاضي في المحكمة الكبرى في الرياض في يوم الاثنين الموافق 4-9-1422ه حضر ......... حامل الإقامة الصادرة من جوازات الرياض برقم ......... في 7-6-1421ه بالوكالة عن ......... بصفته أصيلاً عن نفسه وولياً على أولاد ابنه وهم ......... و......... و......... أولاد ......... وبالوكالة عن ......... وعن ......... وذلك بموجب الوكالة العامة الصادرة من وزارة العدل مصلحة الشهر العقاري والتوثيق في جمهورية مصر العربية برقم 608/200 في 25-5-1420ه المتضمنة أنه له كافة الإجراءات واستلام كافة المستحقات بخصوص دية مورث المدعين أصالة المتوفى ......... والمنحصر إرثه في والدته ......... وفي والده ......... وفي زوجته ......... وفي أولاده ......... و......... و......... وذلك بموجب الإعلام الشرعي الصادر من محكمة بلقاس للأحوال الشخصية في مصر برقم 64/2000 في 24-10-1420ه والمصدقة من الجهات المختصة وادعى على الحاضر معه ......... حامل بطاقة أحوال الرياض برقم ......... بالوكالة عن ......... بموجب الوكالة الصادرة من كتابة عدل الرياض الثانية برقم 87111 في 26-6-1420ه جلد 31112 المتضمنة حق المطالبة والمرافقة والمدافعة والمخاصمة وقبول الأحكام والاستلام والتسليم قائلاً في دعواه عليه: لقد تسبب موكل المدعى عليه في وفاة مورث موكلي، وذلك عندما أمر العامل الذي تحت كفالته والمدعو... بأن يقوم بتنظيف بركة أشبه ما تكون بالبئر في مزرعة المدعى عليه أصالة معدة لتربية الأسماك وفيها رواسب وشوائب بارتفاع خمسين سنتيمتراً وتنبعث منها رائحة كريهة جداً ونفاذة وأثناء نزول مورث موكلي لهذه البركة، ليقوم بعملية التنظيف اصيب بالإغماء وسقط فيها وتوفي بسبب هذه الرائحة، وحيث إن هذه البركة للمدعى عليه اصالة ولم يحذر مورث موكليَّ من الدخول بهذه البركة بل أمر عامله بإحضاره وأن يقوم بهذا العمل فإنه هو المتسبب في وفاته، لذا فإني أطلب إلزام المدعى عليه اصالة بدفع دية مورث موكليَّ مئة ألف ريال سعودي هذه دعواي. وبسؤال المدعى عليه قال: ما ذكره المدعي من البركة التي في مزرعة موكلي فصحيح وهي مخصصة للاسماك ورواسبها وموكلي لم يأمر مورث المدعين بالنزول الى هذه البركة ولم يطلب منه أي عمل بها، بل لا يعرف المتوفى ولم يسبق له أن شاهده، وكان موكلي وقت وقوع الحادث في بيته بالرياض ولم يعلم إلا بعد أن اتصل به عماله في المزرعة وأخبروه بما حصل. لذا فإن موكلي لم يتسبب في وفاة مورث المدعين ولا علاقة له بهذا الأمر. هكذا أجاب. وبسؤال المدعي عن البينة على دعواه قال: ليس لدي سوى ما في أوراق المعاملة من تحقيقات. وبالاطلاع على أوراق المعاملة وجدت خطاب رئيس مركز الدفاع المدني بمحافظة المزاحمية الملازم أول... رقم 34/33/661 دف في 29/6/1420ه الذي فيه ما نصه «النتيجة من مجريات التحقيق والمعاينة ظهر عرضية الحادث وظهر الآتي للحيثيات التالية: 1- خطاب الشرطة رقم 19/2276/38 وتاريخ 19/6/1420ه أنه من خلال مجريات التحقيق والمعاينة لم يتضح أي فعل جنائي. 2- تقارير الطبيب الشرعي المتضمنة أن سبب الوفاة نتيجة توقف بالقلب والتنفس نتيجة استنشاق هواء غير صالح للتنفس. 3- قناعة شقيق العامل المتوفى... المصدقة شرعاً بعرضية الوفاة ومطالبته بالتعويض شرعاً. 4- اعتراف العامل... باختلاف أقواله في التحقيقات لتوقيفه. النتيجة: 1- يؤاخذ العامل المسؤول عن المزرعة وكفيله بتكليفهما كل من....... و..... بتنظيف البركة رغم علمهما بما ينتج منها من روائح خانقة. 2- يؤاخذ العامل المسؤول عن المزرعة وكفيله بعدم أخذ الاحتياطات اللازمة وأسباب الوقاية. 3- يؤاخذ العامل..... بعدم منع العامل.... من النزول عند مشاهدته للعاملين وهما في حالة إغماء في قاع البركة». وبعرضه على الطرفين قال المدعي: ما جاء فيه صحيح ويؤيد دعواه علماً أنه سبق وأن حصلت حادثة قريبة مما حصل لمورث موكليَّ في هذه المزرعة وذلك لشخص باكستاني أراد أن ينظف هذه البركة قبل هذه الحادثة بسنتين لكنه لم يتوف بل تم علاجه في المستشفى وقال المدعى عليه: إن موكلي لم يأمر مورث المدعين بتنظيف البركة ولا علم له بقيام مورث المدعين بذلك إلا بعد حصول الحادثة، وأما ما ذكره عن الرجل الباكستاني فلا علم لي بذلك. فجرى سؤال المدعي هل أخفى المدعى عليه أصالة خطورة هذه البركة على مورث موكليك أو أفهمه بأن هذه البركة آمنة فقال: لا علم لي بذلك. فجرى سؤاله هل كان المدعى عليه أصالة موجوداً فقال: لا علم لي بذلك لكن وجدته وأنا حاضر عند الشرطة بعد الحادث. فجرى سؤاله هل يستطيع الإنسان الذي يحضر قرب هذه البركة معرفة خطورة البركة. فقال: نعم لأن لها رائحة كريهة. فجرى سؤال المدعي هل لديك مزيد بينة على ما ذكرته فقال: لا يوجد لدي سوى ما ذكرته. فبناءً على ما تقدم من الدعوى والإجابة وما جاء في خطاب مدير إدارة الدفاع المدني بمحافظة المزاحمية وبعد الاطلاع على أوراق المعاملة، وحيث لم يظهر لي ممَّا يدعي المدعي مباشرة أو تسبب المدعى عليه أصالة بوفاة مورث المدعين، وحيث قرر المدعي أن للبركة رائحة كريهة تعرف قبل الوصول إليها فكان واجباً على مورث المدعين أن يحتاط لنفسه، وحيث إنه نزل للبركة طائعاً مختاراً لذلك كله لم يثبت لدي استحقاق المدعي لما يدعونه على المدعى عليه أصالة من المطالبة بدية مورثهم وصرفت النظر عن دعواهم ضده وبه حكمت، وبعرضه عليهما قرر المدعى عليه وكالة القناعة وقرر المدعي وكالة عدم القناعة، وقال لن أقدم لائحة اعتراضية واكتفى بما في المعاملة من أوراق وأطلب رفعه لمحكمة التمميز، وعليه فقد قررت رفع المعاملة لمحكمة التمييز وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. حرر في 4-9-1422ه. - صُدق الحكم من محكمة التمييز بالقرار رقم 3878/ج3/أ وتاريخ 23-10-1422ه.