لم يتوقع أحداً أن تكون حادثة موت طفلة في أحد الآبار، هو طوق النجاة للكثير من الأحياء في السعودية، فبعد وفاة لمى الروقي العام الماضي في محافظة تبوك (شمال السعودية)، على إثر سقوطها في هاوية بئر إرتوازية مكشوفة، لمعت فكرة تقنية لبعض الشبان «الجداويين» لإنقاذ مدينتهم من نفس المأساة، والتي تبعد عن قبر الطفلة في تبوك موقع الحادثة نحو 1000 كيلو متر، إذ إطلاق تطبيق «لمى» الإلكتروني للتحذير من «الحفر المكشوفة». تلك الدوائر المرسومة على خريطة التطبيق، والتي أصبحت الدلالة الرمزية لمحافظة العروس وأحد معالم شوارعها، تفيد بوجود « قنابل موقوتة» تتربص بالسكان والمارة في الشوارع، وكذلك سائقي المركبات، إذ تشير إلى وجود «حفر الموت» التي راح ضحيتها أيضاً ستة أبرياء من سكان جدة خلال عام واحد. وبعد أن أصبح التطبيق مستخدماً في هواتف الجداويين للتحذير من وجود الحفر المكشوفة في الطرقات، تقترب شوارع «العروس» من التصنيف العالمي، كأكبر المدن العالمية المليئة بالحفر وعيوب الأسفلت، كما لم تعد العبارة الشهيرة «نعمل لأجلكم ونأسف لإزعاجكم» التي تتكرر على اللوحات المعلقة أمام مشاريع الطرق ذات جدوى أو قبول لدى قاطني مدينة جدة. وأوضح أحد مبرمجي التطبيق الإلكتروني الراصد للحفر المكشوفة في جدة عبدالله العسيري ل «الحياة»، أن فكرة البرنامج جاءت بعد موت الطفلة لمى في محافظة تبوك العام الماضي بإحدى الآبار المكشوفة، إذ ألهمت تلك الحادثة شبان التطبيقات الإلكترونية لإصدار تطبيق يعنى بتحديد مواقع الحفر والآبار المكشوفة. وقال: إن البرنامج أطلق عليه اسم «أطلس لمى»، والذي أصبح مستخدماً بكثرة لدى سكان جدة خصوصاً في تحديد مواقع الحفر المكشوفة في الشوارع، والتي راح ضحيتها ستة أبرياء من المحافظة بسبب إهمال من الجهات المختصة، مقدّراً عدد الحفر المكشوفة في جدة ب100 ألف حفرة في الشوارع، إذ أسهم التطبيق في كشف الكثير. مسلسل «حفر الموت» كما أطلق عليه البعض لم ينته في جدة، وكذلك الحملات التطوعية المتعددة التي صاحبتها من شبان المحافظة، تقف بالتصدي لذلك المسلسل وتسهم في ردم العديد من تلك الحفر، إلا أن جهودهم تظل بسيطة في ظل تهاون الجهات المسؤولة، وأبرزها أمانة جدة، واستياء كبير من «الجداويين» مما يحدث لمدينتهم العروس. يقول علي المحسن أحد سائقي سيارات الأجرة ل «الحياة» إن الشوارع في مدينة جدة أشبه بلعبة «المتاهة» التي تجعلك تلتف حيناً إلى اليمين وحيناً إلى اليسار لتفادي الحفر، منوهاً بأن الهرب من الحفر والهبوطات التي على الطريق لا ينجح دائماً، فلا بد من الوقوع فيها وتنتج منها بعض الأضرار، إذ بلغت كلفة تصليح سيارته في الآونة الأخيرة 2700 ريال. وأرجع مشكلة الحفر في المدينة إلى ضعف البنية التحتية للطرقات والأحياء وسوء التخطيط، مطالباً أمانة جدة بتكثيف الرقابة على المشاريع، ومعالجة المستنقعات التي نتجت من الأمطار داخل الأحياء وعلى الطرقات. يذكر أن عدداً من المواطنين اتجهوا إلى مقاضاة أمانة جدة في المحاكم الشرعية أخيراً، مستندين في شكواهم إلى مهمات الأمانات والبلديات في المناطق والمحافظات، التي تؤكد عملها في خدمات الشوارع والأحياء، وتأتي تلك التطورات بعد أن حسمت محافظة جدة الجدل تجاه حفر الصرف الصحي المكشوفة، التي تسببت في وفاة عدد من سكان المحافظة بسبب سقوطهم فيها، إذ وجهت المحافظة خطاباً إلى أمانة جدة يفيد بمسؤوليتها عن حفر الصرف الصحي، لحين صدور توجيهات وأنظمة أخرى.