بدا مساء أمس أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خسر حلمه في تحويل النظام في تركيا رئاسياً، بعدما أظهرت النتائج الأولية للانتخابات النيابية تراجع شعبية حكومة حزب «العدالة والتنمية» إلى نحو 43 في المئة، ما أفقد الحزب الغالبية اللازمة لتشكيل الحكومة منفرداً، علماً انه كان نال 49 في المئة في انتخابات عام 2011. وفي حال غيّرت أصوات الناخبين المغتربين النتيجة لمصلحة الحكومة، فإن أفضل ما ستحققه حكومة أحمد داود أوغلو هو حكومة أقلية، أو ائتلاف ضعيف يدفع تركيا إلى انتخابات مبكرة، كما قال قيادي في الحزب الحاكم منذ العام 2002. وبعد فرز 80 في المئة من صناديق الاقتراع، نجح «حزب الشعوب الديمقراطية» الكردي في تجاوز عتبة ال 10 في المئة اللازمة لدخول البرلمان للمرة الأولى بقائمة انتخابية، بنيله نحو 11 في المئة. ورجّح الحزب الكردي نيله نحو 80 مقعداً، تُخصم من رصيد «العدالة والتنمية». وسيحصل «العدالة والتنمية» على نحو 270 من 550 مقعداً، في مقابل 124 مقعداً ل «حزب الشعب الجمهوري» (24 في المئة) و85 مقعداً لحزب «الحركة القومية» المعارضين. ويُتوقّع أن تثير نتائج الانتخابات عاصفة داخل الحزب الحاكم ضد زعامة داود أوغلو، كما ستؤثر في السياسة الخارجية لتركيا إزاء قضايا كثيرة في الشرق الأوسط. وكانت تركيا شهدت إحدى أهم انتخاباتها النيابية وأكثرها حماسة وتنافساً، انعكست من خلال نسبة إقبال مرتفعة بلغت نحو 85 في المئة في الداخل، فيما تراجعت النسبة في الخارج إلى نحو 30 في المئة. وللمرة الأولى منذ الانقلاب العسكري عام 1980، دخلت تركيا الانتخابات النيابية بعيدة من ملفات أيديولوجية تقليدية، مثل العلمانية والحجاب، فيما حافظت القضية الكردية على أهميتها، إلى جانب الوضع الاقتصادي. كما أن مشروع النظام الرئاسي الذي ألحّ عليه أردوغان، كان ضمن المسائل المرجِّحة والمحدِّدة لاختيار الناخب، بل أن كثيرين اعتبروا أن الانتخابات هي بمثابة استفتاء على هذا المشروع وتعزيز صلاحيات الرئيس. وشكّلت الانتخابات امتحاناً حقيقياً لزعماء 3 أحزاب مهمة، اذ خاض داود أوغلو السباق للمرة الأولى، بوصفه زعيماً للحزب الحاكم، ما يُمثّل مسؤولية كبرى ستُحدد مصيره ومستقبل علاقته بأردوغان. كما راهن رئيس «حزب الشعب الجمهوري» كمال كيلجدارأوغلو على نتائج الاقتراع، لتعزيز سياسته الإصلاحية في الحزب، في اتجاه تصفية الأتاتوركيين المتطرفين والتقرّب من اليمين المحافظ. والانتخابات شكّلت اختباراً حقيقياً ل «حزب الشعوب الديموقراطية» ورئيسه صلاح الدين دميرطاش الذي قرر خوض المعركة بقائمة حزبية للمرة الأولى، لا بقائمة من أفراد، ممثلاً للأكراد والأقليات في تركيا.