شددت أوساط أكاديمية ومصرفية عراقية، على ضرورة «البحث في السبل الكفيلة باستقطاب رؤوس الأموال العراقية المهاجِرة، والعمل على إيجاد آليات محفِّزة لها لعودتها إالى العراق»، إذ لفتت إلى أن الإحصاءات حول حجم الاستثمارات العراقية في الخارج، «تشير إلى البلايين من الدولارات». لذا رأت وجود حاجة إلى وضع حلول تأسيسية لاستقطاب هذه الأموال، لأن العراق يتّجه نحو تجاوز الاعتماد على الإيرادات الريعية المتمثلة بالنفط، إلى تفعيل القطاعات الإنتاجية والاستثمارية التي تحتاج إلى مزيد من الأموال». وأعلن أستاذ النظرية النقدية فلاح ثويني، أن هجرة رأس المال «تفضي إلى حالة اقتصادية غير متوازنة»، كاشفاً أن «حجم رؤوس الأموال العراقية المهاجِرة لرجال أعمال عراقيين في الأردن، وصل إلى نحو 11 بليون دولار أي 20 في المئة من نسبة الاستثمارات في الأردن، فضلاً عن نحو 250 بليون دولار تمثّل حجم الاستثمارات العراقية في دول العالم». واعتبر أن القوانين الخاصة بالاستثمار «معوّقة بسبب ما يتخللها من بيروقراطية وروتين»، مؤكداً ضرورة «إعادة النظر فيها، وفي مقدّمها استكمال التشريعات الخاصة بقانون الاستثمار رقم 13 لعام 2006». ورأى أن «تحديد دوافع الهجرة وتلافيها من خلال توطين رأس المال، يعكسان الفلسفة الاقتصادية للدولة المتعلقة بالاستقرار الاقتصادي والمالي، والعمل على وقف هجرتها مجدداً». ولم يغفل وجود «تحديات تتّصل بهيكلية الاقتصاد العراقي من بنى تحتية وطرق وأسواق، تترافق مع التلكؤ في قطاع التأمين وتحويل الأرباح، فضلاً عن ضعف الخبرات في الجانب الاستثماري، والتحديات الإدارية التي أدت إلى مردود سلبي أضعف عملية الاستثمار وشتّتها». وأعلن ثويني أن «إعطاء الفرصة للقطاع الخاص والنهوض بالنشاط الاستثماري، مفتاح أمل لاستقطاب رؤوس الأموال ومواجهة الأزمة الاقتصادية». وقال: «استراتيجية دعم القطاع الخاص توقفت منذ 30 سنة، ما انعكس سلباً على تحقيق التنمية، وأفضى إلى حالة من عدم الاتزان في بقية القطاعات الداعمة». تغيير في الأداء وشدّد الخبير المصرفي والمالي صادق الشمري، على أن المرحلة التي يمرّ فيها الاقتصاد العراقي حالياً، «تتطلب من المعنيين في القطاع المصرفي، البحث عن آليات تخدم التغيير في نمط النشاط الذي تقوم به». وأوضح أن مقدّمها «وضع سياسات جديدة تتجاوب مع متطلبات الأهداف التي تطمح إليها، وفي طليعتها تغيير آليات الاستثمار بما يعزز فرص عودة رؤوس الأموال المهاجرة»، مؤكداً أنها «مهمة وطنية كبيرة يجب أن ينهض بها المسؤولون عن قطاعات الاقتصاد، وفي مقدّمها المصارف». وأشار الشمري الى «حاجة كبيرة الى تشريع قوانين وإصلاحات تتعلّق بتوفير الضمانات الكفيلة بعودة رؤوس الأموال ومساهمتها في التنمية المستدامة، التي تحتاج إلى تمويل واسع يتوافر حالياً لدى رجال أعمال عراقيين ناشطين خارج العراق». ولفت الشمري إلى «أهمية الإسراع في تشريع قانون ضمان الودائع لدى المصارف، الذي يُعدّ بوابة تحويل الكتلة النقدية العراقية المتوافرة، سواء داخل العراق أو خارجه، إلى مشاريع تتّصل بخطط التنمية وتجاوز حال الانكماش في السوق العراقية». واعتبر الشمري أن صناديق الاستثمار الإسلامية يمكن أن «تكون مصدراً مالياً للمصارف، وتمثل أوعية تلبي استثمار الأموال وفقاً للمجالات التي تناسب المعنيين بها، سواء الداخلية أو الخارجية لتحقيق فوائد مجزية». وقال: «يمكن أن تكون هذه الصناديق بوابة تنمية الاقتصاد العراقي من خلال استقبالها رؤوس الأموال المهاجرة، وهي باتت تشكل رقماً كبيراً يمكن استثماره داخل العراق»، متوقعاً أن «يتضاعف على نحو أفضل في حال استخدام دورة رؤوس الأموال داخل الوطن». مؤتمر في بغداد وأشار الشمري إلى «رغبة مصارف عراقية خاصة في تبني الدعوة الى عقد مؤتمر في بغداد خلال الشهور المقبلة، يُخصص للبحث في الآليات التي تعيد رؤوس الأموال العراقية إلى العراق، عبر وضع حوافز وضمانات قانونية معززة بتشريعات مصرفية جديدة قادرة على استقبال الأموال، عبر سياقات متطورة ومن خلال مظلة من البرامج الداعمة للاستثمار، وفي ظل مناخ أمني مستتب». ولم يغفل الشمري «مهمة البنك المركزي العراقي بأن يكون شريكاً فاعلاً في هذا الجهد الوطني الذي تنطلق المصارف العراقية فيه، بدافع الحرص على تنمية اقتصاد العراق والمساهمة في تطوير مخرجات قطاعاته الإنتاجية نحو الأفضل».