بدأت إيزابيل برموديز حياتها عاملة في وظائف متواضعة في برونكس، الضاحية الفقيرة لنيويورك، ثم حققت قفزة لم تكن تتوقعها لتعمل بائعة منازل على ساحل ولاية فلوريدا المطل على خليج المكسيك، ثم خسرت كل شيء حين انفجرت فقاعة سوق المنازل، فضاع دخل سنوي مؤلف من ستة أرقام، ومنزل يضم بركة سباحة، وعقار كانت تستثمر فيه أموالها. وفيما تبعث اليوم بنسخ عن سيرتها الذاتية بحثاً عن عمل في مختلف أرجاء الولاياتالمتحدة وتعاني رفضاً تلو آخر، تعيل نفسها وابنتيها بقسائم الطعام فقط، إذ هوى دخلها إلى الصفر. بلغ استخدام قسائم الطعام مستوى قياسياً، وهو يزيد يوماً بعد آخر. وتنتمي برموديز إلى فئة اجتماعية لا يعيرها أحد اهتماماً يُذكر وتنمو باضطراد، هي فئة الذين لا دخل لهم على الإطلاق غير قسائم الطعام. ويقول ستة ملايين أميركي إنهم ينتمون إلى هذه الفئة، وفقاً لتحليل لبيانات الولايات أجرته «نيويورك تايمز». وتشير البيانات التي تصدرها الولايات وتدققها السلطات الفيديرالية إلى أن الملايين الستة هؤلاء لا يتلقون مساعدات نقدية، ولا يملكون ضماناً ضد البطالة، ولا ينالون رواتب تقاعدية أو دعماً لأولادهم أو دعماً بسبب الإعاقة الجسدية. كانت أعدادهم تزيد منذ ما قبل الركود، لأن التشدد في قوانين المساعدات الاجتماعية جعل صعباً على الفقراء أن ينالوا مساعدات نقدية، وقفزت هذه الأعداد بواقع 50 في المئة في السنتين الماضيتين. وهكذا يعيش أميركي من كل 50 في عائلة لا دخل لها سوى قسائم الطعام، وهي عبارة عن بطاقات ممغنطة تقدمها وكالة الغذاء والطعام التابعة لوزارة الزراعة وتدعمها ويقبلها معظم باعة الأطعمة. تقول برموديز، 42 سنة، والبسمة المصطنعة التي تسم باعة المنازل لا تزال على وجهها على رغم دموعها: «إنه الأمر الوحيد الذي يمكنني أن أعتمد عليه شهرياً لتحصل ابنتاي على طعام». ويراوح أعضاء هذه الفئة بين أشخاص غادروا أماكن ولادتهم ليعانوا شظف العيش في أماكن أخرى، على غرار برموديز، ورجال ينامون في مآوٍ يقترضون السجائر. ويعتمد البعض على مدخرات أو على وظائف سريعة في قطاعات غير نظامية، فيما ينتقل بعض آخر إلى العيش مع أقارب، ويحصل بعض ثالث على مساعدات عينية، لا نقدية. ويخرج بعض المنتمين إلى الفئة سريعاً منها إذ يجدون أعمالاً، فيما يعتمد البعض الآخر على قسائم الطعام لشهور. ونمت الفئة بأسرع مما لاحظ صناع السياسات، وهي تؤكد أهمية قسائم الطعام في شبكة الحماية الاجتماعية، إذ يستخدمها، سواء حصرياً أو من ضمن مساعدات أخرى، واحد من بين كل ثمانية أميركيين. وارتفع عدد من يعيشون على القسائم فقط إلى ضعفين في فلوريدا ككل في خلال سنتين، فيما ارتفع إلى ثلاثة أضعاف في ساحلها الجنوبي الغربي الذي شهد ماضياً قريباً مزدهراً في قطاع المنازل قبيل انفجار فقاعتها.