لم تكن جريمة الانتحاري صالح القشعمي وتفجيره نفسه وسط مصلي الجمعة في مسجد الإمام علي بن أبي طالب ببلدة القديح (محافظة القطيف) محض مصادفة، أو «أمراً عاجلاً» من قيادات إرهابية عليا، بل كانت جريمة مخططاً لها مع سبق الإصرار والترصد. إذ عبّر منفذ الهجوم الانتحاري، الذي أعلنت وزارة الداخلية مساء أول من أمس هويته، وهو صالح عبدالرحمن القشعمي، منذ فترة طويلة رغبته الملحّة في تفجير نفسه، بتنفيذ عملية انتحارية، ليصل بحسب وصفه إلى «الحور في الجنان»، وبحسب مقربين منه فإن صالح أكثر خلال الأيام الماضية من ترديد هذه الرغبة. (للمزيد). وفي حين كان يفترض أن يكون القشعمي الآن على مقاعد الدراسة الجامعية أو نهاية المرحلة الثانوية، إلا أنه اختار لنفسه هذه النهاية الإجرامية، التي راح ضحيتها العشرات من أبناء بلدة القديح. وتوارى القشعمي، الذي تخفّى ب«لثام» أثناء التقاطه الصورة الأخيرة قبل انتحاره في مواقع التواصل الاجتماعي، خلف لقب «زلفاوي شمري»، بدلاً من كنيته في التنظيم ب«أبوعمار النجدي»، التي اعتاد عناصر التنظيم ظهوره بها، ليكتب ما يجول في خاطره من أمانٍ دموية، وغلب على ما كتب مصطلحي «التفجير» و«القتل»، ظناً منه أنه لن يتعرف أحد إلى هويته. وعلى رغم ملاحقة موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» للمعرفات المخالفة، ومن ضمنها معرفات التنظيمات الإرهابية والمحرضين وحذفها، إلا أنه في كل مرة يلغى فيها معرف صالح القشعمي كان يدخل عبر معرف آخر بالاسم ذاته، وله أيضاً معرف آخر بمسمى «موحد مناصر للمعتقلين»، كتب فيه تغريدته الأخيرة لتوديع والدته قبل تفجيره نفسه. وسخّر القشعمي معرّفه للترويج لمعرّفات رفاقه في التنظيم، والتعبير عن رغباته الدموية في «التفجير» و«القتل»، للوصول إلى «الحور العين» على حد وصفه. كما خصص معرِّفه للكتابة عن الموقوفين الأمنيين، والمطالبة بالإفراج عنهم. وجدد بيعته لزعيم تنظيم «داعش» الإرهابي أبوبكر البغدادي، محرضاً على «المبايعة والانضمام إلى صفوف التنظيم». كما أعلن تكفيره رجال الأمن السعوديين، وكل من لم يبايع زعيم «داعش»، ووصفهم ب«الخوارج».