مع تصاعد وتيرة الاتصالات في كل من جبهتي قوى 14 آذار والمعارضة في لبنان، من اجل معالجة الخلافات على المرشحين للتغلب على آخر العقد التي ما زالت تؤخر استكمال الإعلان عن اللوائح في عدد من الدوائر الانتخابية، أطلق أمس رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط مجموعة من الإشارات السياسية في اتجاه حلفائه والمعارضة على السواء على خلفية تأكيده ان الانتخابات مرحلة مهمة في لبنان «لكن الأهم هو ما بعد الانتخابات لحماية الوحدة الوطنية ولتحقيق المصالحة التي هي الأساس في تثبيت القضية العربية الوطنية واحتضان القضية الكبرى قضية فلسطين». جاء موقف جنبلاط هذا، في خطاب ألقاه خلال رعايته عصر أمس الى جانب الوزير طلال أرسلان لمصالحة في الشويفات بين عدد من العائلات فيها بعد مقتل احد أبنائها اكرم عربيد في اشتباك حصل في انتخابات 1996 النيابية واعتبره المراقبون السياسيون بمثابة مؤشر الى إعادة خلط الأوراق السياسية في مرحلة ما بعد تجاوز الاستحقاق الانتخابي في حزيران (يونيو) المقبل. وإذ رفض جنبلاط نفي ما صدر في بعض وسائل الإعلام المرئية، (الشريط المسجل لكلام له عبر الهاتف المحمول الذي بثه اخيراً تلفزيون الجديد) وفيه انتقاد لبعض أطراف 14 آذار، أو تأكيده أو التعليق عليه أو الاعتذار عنه، قال في المقابل: «هكذا كان أسلوبي في الخاص والعام، قلت ما قلته لأنني بالأساس ضد أي شكل من أشكال الانعزال درزياً كان أم مسيحياً أم سنياً أم شيعياً، وكل المشايخ معنا يؤيدون الشراكة مع الأمير طلال ارسلان لتحقيق المصالحة الكبرى العامة في البلاد». وأضاف جنبلاط: «أسير مع الأمير طلال أرسلان ورفاقي في الحزب التقدمي الاشتراكي والذين يريدون من 14 آذار من اجل إخراج البلاد من هذا التقوقع والشرذمة والانعزال». ونوّه جنبلاط بالكلام الذي صدر عن نائب الأمين العام ل «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم وفيه «ان جنبلاط أطلق مواقف مهمة في الفترة الأخيرة في ما يتعلق بقضية فلسطين والعروبة والعلاقة الداخلية بين الأطراف المختلفين وتفاعل الضاحية الجنوبية مع الجبل وهذه الطروحات تفتح الباب في شكل طبيعي الى اللقاء المحتمل بينه وبين السيد حسن نصر الله»، وقال ان «الشيخ قاسم أبدى انفتاحاً من اجل المصالحة التي نرجو ان تتحقق في القريب العاجل وسأدرس التفاصيل والحيثيات مع الأمير طلال أرسلان من اجل ان تكون هذه الساحة مجدداً جامعة للجميع من الجبل والضاحية والشويفات وبيروت». ويأتي إعلان جنبلاط استعداده للانفتاح على «حزب الله» بعد تواصله المستمر مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري فيما الاتصالات شبه مقطوعة بين الأخير وعدد من القيادات الرئيسة في 14 آذار باستثناء تواصله من حين الى آخر برئيس كتلة «المستقبل» النيابية سعد الحريري. كما ان تأكيد جنبلاط الانفتاح يمكن ان يلقي الضوء على ما ستكون عليه الخريطة السياسية في لبنان بعد الانتخابات النيابية التي من شأنها، بحسب قول مراقبين، ل «الحياة» ان تفتح الباب امام حصول تحولات سياسية جديدة تعيد خلط الأوراق خلاف ما هو حاصل حالياً من انقسام حاد بين الأكثرية و المعارضة، وربما هذا ما اخذ يقلق رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون الذي ما زال يتشدد في مفاوضاته مع بري برعاية «حزب الله» في شأن التفاهم على اسماء المرشحين في دائرتي جزين وبعبدا باعتبار ان مقربين منه يحاولون استكشاف حدود العلاقة المستقبلية بين جنبلاط ورئيس المجلس الذي لا يترك مناسبة إلا ويشيد فيها بمواقف رئيس الحزب التقدمي. وعلمت «الحياة» ان التحضيرات جارية لعقد لقاء بين نصر الله وجنبلاط وأن مسؤولين من الطرفين يتواصلون باستمرار على ان يعود للزعيمين اختيار الوقت المناسب لإتمامه. إلى ذلك، تكثفت التحقيقات التي يجريها فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي مع المشتبه به بالتعامل مع إسرائيل العميد المتقاعد في الأمن العام ديب العلم وزوجته الموقوفين منذ السبت في 11 الجاري، وكان جديدها في الساعات الأخيرة، وبحسب ما توافر ل «الحياة» من معلومات، ان العلم تولى رصد الطريق الساحلية المؤدية الى مدينة جبيل وشاطئها في 26-5-2006 بالتزامن مع اغتيال جهاز الاستخبارات الإسرائيلية «موساد» للقياديين في «حركة الجهاد الإسلامي» الأخوين محمود ونضال المجذوب في صيدا بواسطة تفجير عبوة ناسفة استهدفتهما لدى خروجهما من منزلهما في احد أحياء المدينة. وتبين من خلال التحقيقات ان لتولي الضابط المتقاعد مهمة رصد الطريق الدولية والأخرى الساحلية المحاذية لشاطئ جبيل علاقة مباشرة بتأمين إجلاء الضابط في «موساد» الإسرائيلي الذي أشرف على تفجير العبوة بالتعاون مع الموقوف في هذا الملف محمود رافع والفار حسين خطاب، وهو فلسطيني من عين الحلوة فر من صيدا باتجاه الأراضي الفلسطينيةالمحتلة عبر المنطقة الحدودية. ومعلوم ان إجلاء ضابط «موساد» تم بواسطة فرقة من الكوماندوس الإسرائيلي اقتربت من الشاطئ في جبيل وأبحرت به الى إسرائيل بعد ان تولى نقله الى جبيل الموقوف رافع. ومع ان العميد المتقاعد اعترف في إفادته الأولية بأنه علم لاحقاً بتفاصيل إجلاء ضابط «موساد» بحراً الى إسرائيل عبر الشاطئ في جبيل ومن خلال القرار الظني الذي صدر بهذا الشأن عن القاضي عدنان بلبل المولج التحقيق آنذاك، وبالتالي لم يكن على علم بإجلائه يوم كلف باستكشاف الطرق المؤدية الى جبيل ورصد حركة المتنزهين على الشاطئ، فإنه تأكد لفرع المعلومات من خلال مراجعة ملف الاتصالات الهاتفية الخاصة به، أنه كان موجوداً برفقة زوجته في جبيل اثناء تنفيذ عملية الإجلاء. كما أشارت التحقيقات الأولية الى ان العلم اعترف بأنه تمكن من تخزين صور في برادين صغيرين يستخدمان لتخزين المياه والثلج، الأول يحتوي على صور التقطها لمنشآت في سورية والآخر لجسور وطرق دولية في لبنان، وأنه نجح في تأمين إيصالهما الى «موساد» في الوقت المناسب، علماً ان فرع المعلومات ضبط في حوزته براداً ثالثاً استخدمه لتخزين صور التقطها من سورية. على صعيد آخر، نقلت «رويترز» عن قناة تلفزيون «العربية» قولها ان الإمارات العربية المتحدة ألقت القبض على عنصر رئيسي في التحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، كان أطلق عليه تسمية «الشاهد الملك» محمد زهير الصديق. وذكرت «العربية» ان الصديق أوقف في إمارة الشارقة وهو محتجز لدى سلطات الأمن. ولم تقدم المزيد من التفاصيل.