احتدمت المعارك أمس بين المتمردين الحوثيين والموالين للحكومة في جنوب اليمن، ما يزيد من الضغوط على الهدنة الهشة التي وضعها التحالف العربي الذي أعلن وقف ضرباته الجوية ضد المتمردين رغم الانتهاكات. وتصاعدت أعمال العنف عشية انتهاء الهدنة الإنسانية المحددة بخمسة أيام، بمبادرة من السعودية. وقصف المتمردون في الصباح بالسلاح الثقيل والقذائف أحياء عدة في تعز، ثالث مدن اليمن ما أوقع 12 قتيلاً و51 جريحاً في صفوف المدنيين. كذلك أسفرت المعارك التي تكثفت خلال الليل عن سقوط 26 قتيلاً في صفوف المتمردين وحلفائهم، من العسكريين الموالين للرئيس السابق علي عبدالله صالح، و14 في صفوف المقاتلين المعادين لهم، وفق مصادر عسكرية ومحلية. وفي عدن كبرى مدن الجنوب، دوى إطلاق النار من جديد أمس بعد ليلة هادئة نسبياً. وتركزت المواجهات بمختلف أنواع الأسلحة بما في ذلك مدافع الدبابات في شمال عدن حيث يسعى المتمردون وحلفاؤهم لاستعادة مواقع خسروها في الأيام الأخيرة خاصة محور طرق يتحكم بالمنفذ إلى وسط المدينة كما ذكرت مصادر عسكرية ل «فرانس برس». وأضافت المصادر نفسها أن إطلاق القذائف استهدف أيضاً غرب عدن. وفي الجنوب كان التوتر على أشده في الضالع بعد كمين نصب ليلاً لقافلة للمتمردين أدى إلى مقتل خمسة منهم، وفق مسؤول محلي. والتحالف الذي علق غاراته الجوية منذ بدء سريان الهدنة مساء الثلاثاء، حذر من أنه سيفقد صبره تجاه «الانتهاكات» التي يقوم بها المتمردون خلال الهدنة التي تم إعلانها لخمسة أيام قابلة للتجديد. وفي محافظة شبوة، قالت مصادر عسكرية وقبلية إن مسلحين قبليين استعادوا السيطرة على منطقة عسيلان النفطية بعد يومين من المعارك مع المتمردين الشيعة وحلفائهم الذين كانوا يسيطرون عليها. وأضافت المصادر أن ما لا يقل عن 18 متمرداً وأربعة من رجال القبائل قتلوا خلال الاشتباكات. وتسببت أعمال العنف هذه بحركة نزوح لقسم من السكان الذين هربوا من مدينة تعز باتجاه مناطق ريفية أكثر أماناً، فيما لم تصل المساعدة الإنسانية الموعودة بعد إلى المدينة بحسب بعض السكان. وأكد مسؤول في الإدارة المحلية ل «فرانس برس» أن «المساعدة الإنسانية لم تصل إلى تعز، إذ لم نتلق منتجات نفطية ولا مواد غذائية أو معدات طبية». ومع ذلك تمكّنت المساعدات الدولية من دخول البلاد، إذ أعلنت مفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين على موقعها الإلكتروني، أن اثنتين من رحلاتها الإغاثية أمس لليمن، وصلت إلى صنعاء، حاملة الأغطية والفرش. لكن منسق الأممالمتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، يوهانس فان در كلاو، دعا التحالف إلى «تبسيط» عمليات تفتيش الحمولات المتوجهة إلى اليمن، إذ من شأن تلك الإجراءات أن تبطئ إيصال المساعدات الضرورية. وأشار فان در كلاو إلى أن عمليات تفتيش البضائع في إطار الحظر المفروض على السلاح إلى الحوثيين تعقد إيصالها. وقال: «يجب تبسيط نظام الرقابة الحالي، ويجب أن يكون أسرع لاستئناف إيصال الواردات التجارية وحتى الإنسانية من وقود وغذاء وحاجات حيوية أخرى». وصوّت مجلس الأمن الدولي في نيسان (أبريل) على قرار يحظر إيصال السلاح إلى الحوثيين المدعومين من إيران بعد سيطرة هؤلاء على العاصمة صنعاء وتقدمهم جنوباً باتجاه مدينة عدن، ما أجبر الرئيس عبد ربه منصور هادي على الفرار إلى الرياض. ومن المفترض أن يلقي هادي كلمة اليوم في افتتاح مؤتمر لحل الأزمة اليمنية في الرياض، والذي دعيت إليه الأحزاب السياسية وزعماء القبائل وممثلو المجتمع المدني، وفق ما أعلن المنظمون. وسيعقد المؤتمر بغياب المتمردين الحوثيين الذين يصرون على عقد مؤتمر الحوار السياسي «في اليمن» فقط، بعدما توقف في أعقاب العملية العسكرية للتحالف. وقال مسؤول الإعلام في مكتب هادي مختار الرحبي لوكالة «فرانس برس» إن «كل الأطراف السياسية اليمنية ستشارك في مؤتمر الرياض الذي يبدأ أعماله اليوم ما عدا ميليشيات الحوثي التي وجهت لها الدعوة رسمياً إلا أنها رفضت الحضور». ومن المقرر أن يستمر المؤتمر ثلاثة أيام، و «سيكون مؤتمراً للقرار لا للحوار»، لإعادة هيكلة الدولة، التي زعزعها الحوثيون، بحسب مسؤول اللجنة التحضيرية للقاء ياسين مكاوي. وأضاف مكاوي خلال مؤتمر صحافي في الرياض أمس «ستستخدم جميع الوسائل العسكرية والسياسية» لاستعادة سلطة الرئيس هادي. إلى ذلك، أسر عناصر في القاعدة 36 عسكرياً في المكلا كبرى مدن محافظة حضرموتجنوب شرق اليمن التي يسيطر عليها التنظيم المتطرف منذ نيسان (أبريل) كما أفاد مسؤولون محليون أمس لوكالة فرانس برس. وقال مسؤول إن المتمردين اسروا العسكريين لدى وصولهم مساء الجمعة إلى ميناء المكلا من جزيرة سقطرى اليمنية، موضحاً أن الجنود ال36 كانوا مسلحين لكن باللباس المدني. وأضاف «اشتبه مقاتلو تنظيم القاعدة بأن يكون العسكريون من أنصار المتمردين الحوثيين».