أجرى وزير الخارجية الأميركي جون كيري في منتجع سوتشي أمس، محادثات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف وصفها الأخير بأنها «رائعة». كما التقى كيري الرئيس فلاديمير بوتين محاولاً تخفيف حدة خلافات بين واشنطنوموسكو في شأن «ملفات ساخنة» تشمل اليمن وسورية وليبيا والبرنامج النووي الإيراني، إضافة إلى النزاع في أوكرانيا. زيارة كيري لروسيا هي الأبرز لمسؤول أميركي منذ سنتين، علماً أن العلاقات بين موسكووواشنطن هي في أدنى مستوياتها منذ الحرب الباردة، خصوصاً بعد اندلاع الأزمة الأوكرانية في نيسان (أبريل) 2014 واتهام الغرب لروسيا بالتورط المباشر فيها، ودعمها الانفصاليين الموالين لها شرق البلاد، إضافة إلى ضمّها شبه جزيرة القرم. وأعلنت الخارجية الروسية أن محادثات بوتين ولافروف مع كيري كانت «بنّاءة وصريحة وتطرّقت إلى كل الملفات الحيوية لدى الجانبين». وأضافت أن لافروف شدد على أن روسيا لا تتحمّل مسؤولية تدهور العلاقات مع واشنطن، وهي «مستعدة لتعاون بنّاء مع الولاياتالمتحدة» في الملفات الثنائية والدولية، مستدركة أن الأمر «لن يكون ممكناً إلا على أساس ندي ومتكافئ، من دون محاولة فرض أو إملاء». وأبلغ لافروف ضيفه أن «طريق العقوبات والحصار مسدود»، مشدداً على أنه «لن يُجبر روسيا على تغيير وجهات نظرها أو التراجع عن مبادئ معلنة». وذكرت الخارجية أن الطرفين أكدا أن لا بديل من تسوية سياسية في أوكرانيا. وشدد الوزيران على مواصلة جهود إطلاق حوار شامل وجدّي بين النظام السوري والمعارضة، كما أوليا اهتماماً خاصاً بالتهديدات الناشئة بسبب احتلال تنظيم «داعش» أجزاء من سورية والعراق وليبيا. واعتبرت موسكو أن التدخل العسكري الخارجي في اليمن، فاقم زعزعة الوضع. وأشار مسؤولون أميركيون إلى أن كيري أراد قياس مدى دعم موسكو لحليفها الرئيس السوري بشار الأسد الذي مُنيت قواته بهزائم أخيراً، وحض روسيا على دعم مسيرة انتقالية قد تتيح إنهاء الحرب في سورية. وناقش الوزير الأميركي في سوتشي، نتائج مفاوضاته مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف وجهود تسوية الملف النووي الإيراني، إضافة إلى تحفظ واشنطن عن قرار بوتين رفع الحظر على تسليم طهران أنظمة صاروخية روسية متطورة من طراز «أس- 300». وشدد ديبلوماسي أميركي على أهمية بقاء الدول الست المعنية بالملف، «صفاً واحداً مع اقترابنا من المرحلة النهائية، لأن هذه الطريقة كانت الأكثر فاعلية». أما الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف فأشار إلى أن محادثات بوتين - كيري تشمل «في المقام الأول العلاقات الثنائية، وبعدها كل الملفات الساخنة». وأضاف: «يمكننا بالحوار أن نجد سبلاً لتطبيع (العلاقات الروسية - الأميركية)، وتوثيق التعاون لتسوية المشكلات الدولية». واستدرك أن «روسيا لم تكن البادئ بالفتور في العلاقات». وأعلن لافروف أن محادثاته مع كيري التي استمرت أكثر من اربع ساعات خلف أبواب مغلقة، كانت «رائعة». وتخلّل اللقاء غداء عمل جمع الوزيرين على انفراد، قبل أن ينتقلا للقاء بوتين. وكتب كيري على موقع «تويتر» أنه أجرى «مناقشات صريحة مع الرئيس بوتين والوزير لافروف في شأن مسائل أساسية بينها المفاوضات مع ايران وسورية وأوكرانيا». ولفت إلى «أهمية إبقاء خطوط اتصال مفتوحة بين الولاياتالمتحدةوروسيا، فيما نعالج قضايا عالمية ملّحة». وحفلت زيارة كيري بخطوات رمزية، اذ إن لافروف رافقه خلال وضعه إكليلاً من الزهور على نصب تذكاري للجنود السوفيات الذين قُتلوا خلال الحرب العالمية الثانية. وكان الوزير الروسي وصل إلى الاجتماع في سيارة بيضاء فاخرة من نوع «غاز بوبيدا» التي يعني اسمها «النصر» وكانت أول نموذج أنتجته المصانع السوفياتية بعد الحرب عام 1946. وتبادل الوزيران هدايا ذات مغزى، اذ قدم لافروف لضيفه الأميركي سلّتين فيهما حبّات من البندورة والبطاطا المُنتجة في إقليم كراسنودار الروسي، إضافة إلى قميص كُتبت عليه عبارة تُمجد النصر على النازية. وإضافة إلى المغزى المتعلق ب «فشل سياسة الحصار الاقتصادي على روسيا»، أعادت الهدية التذكير بأن كيري أهدى لافروف مطلع العام 2014 حبتين من البطاطا الأميركية من إنتاج ولاية إيداهو. وأهدى كيري الوزير الروسي امس لائحة تضم مقتطفات من وسائل الإعلام الروسية تهاجم واشنطن، معتبراً أنها «لا تعكس الإمكانات الحقيقية للعلاقات الروسية - الأميركية».