تكثفت أمس، النداءات الموجهة إلى حكومات جنوب شرق آسيا، لإنقاذ آلاف اللاجئين من بنغلادش وبورما التائهين في بحار المنطقة. وتضاعفت المخاوف حيال مصير هؤلاء المهاجرين ومن بينهم عدد كبير من إتنية الروهينغا المسلمة التي تعتبرها الأممالمتحدة إحدى المجموعات الأكثر تعرضاً للاضطهاد في العالم، وهم معرضون للموت نتيجة لنفاد الطعام والماء. لكن هذا لم يمنع إندونيسيا من رد المئات منهم إلى خارج مياهها الاقليمية. ووصل حوالى ألفي مهاجر إلى سواحل ماليزيا وإندونيسيا في الأيام الأخيرة، ربما يكونون ضحية السياسة الجديدة التي اعتمدتها تايلاند، معبرهم المعتاد، التي قررت منع تهريب المهاجرين غير الشرعيين بعد العثور على مقابر جماعية لمهاجرين، الكثير منها وسط الأدغال. ويعبر سنوياً عشرات آلاف المهاجرين عبر جنوبتايلاند باتجاه ماليزيا وما يليها، هرباً من الفقر في بنغلادش أو العنف، كما في حال أقلية الروهينغا المسلمة في بورما. لكنّ المدافعين عن حقوق المهاجرين السريين يفيدون بأن المهربين لم يعودوا يجرؤون دخول تايلاند، ولذلك يجد المهاجرون أنفسهم عالقين وسط البحر فيما يحاول المهربون تحديد طريق جديدة، هذا إن لم يتخلوا عنهم ببساطة. وقدرت جمعية «اراكان بروجكت» للدفاع عن الروهينغا عدد المهاجرين التائهين في البحر بحوالى 8000. وناشدت المنظمة الدولية للهجرة التي تضم 157 دولة، حكومات المنطقة التحرك. وقال الناطق باسم المنظمة جو لوري أن هذه القضية «تحتاج إلى جهد إقليمي. نحن لا نمتلك القدرة على البحث عنهم لكن الحكومات تمتلكها، لديها سفن وأقمار صناعية». وأضاف أن هؤلاء المهاجرين قد يكونون «في وضع سيئ للغاية أو حتى أمواتاً» إن لم يتم إنقاذهم سريعاً. وقالت الناطقة باسم المفوضية العليا للاجئين في الأممالمتحدة فيفيان تان أنه «وفق الناجين فإن كميات الطعام والماء كانت ضئيلة عند الانطلاق، وإذا كانوا هناك منذ أسابيع أو أشهر فنخشى أن يكون وضعهم خطراً». وأضافت أن على دول المنطقة الاجتماع لتحديد طرق إدارة الوضع «بأفضل ما يمكن». لكن الكلام أسهل من الفعل في هذا الملف وفق ستيف هاميلتون من بعثة المنظمة الدولية للهجرة في إندونيسيا. وأشار إلى أن العثور على المراكب «ليس كالعثور على إبرة في كومة قش، بل على إبرة في كومة إبر» نظراً إلى كثافة حركة النقل البحري في المنطقة. وتزدهر نشاطات الاتجار بالبشر في جنوب شرق آسيا. ويستغل المهربون غياب التنسيق بين السلطات في جهود مكافحة هذه الظاهرة وإلغاء أسبابها. وتجسدت هذه الإشكالية عبر إعلان جاكرتا رد مركب ينقل 400 مهاجر إلى خارج مياهها الاقليمية، من بين اثنين وصلا إلى سواحلها. ووفق السلطات الاندونيسية فإن المركب الأول وصل إلى اتشيه في جزيرة سومطرة الأحد، وعليه 573 لاجئاً خدعهم المهربون وأجبروهم على السباحة إلى الشاطئ، حيث تلقوا الطعام والملاذ. لكن المركب الثاني زود وقوداً و «تم قطره إلى خارج مياه اندونيسيا» وفق الناطقة باسم البحرية الاندونيسية مناهان سيمورانغكير. وأضاف: «نحن لا نجبرهم على الذهاب إلى ماليزيا أو إلى استراليا. هذه ليست مشكلتنا. مشكلتنا هي ألا يأتوا إلى اندونيسيا لأنها ليست وجهتهم». ودعت تايلاندماليزيا وبورما إلى التشاور أخيراً لمكافحة هذه الظاهرة، لكن أي إجراءات ملموسة لم تتخذ بعد.