يحاول تنظيم «داعش» استعادة مراكز نفوذه في ديالى، والتي خسرها مطلع السنة لمصلحة تقدُّم قوات «الحشد الشعبي» الشيعية، بالتزامن مع شنّه حرب استنزاف للقوى الأمنية العراقية في عدد من مناطق صلاح الدين وأبرزها مصفاة بيجي النفطية. وقالت مصادر عشائرية في الأنبار ل «الحياة» إن «داعش» نقل عدداً كبيراً من مقاتليه من سورية إلى الأنبار، تحضيراً لهجوم واسع يستهدف بلدتي حديثة والبغدادي اللتين تسيطر عليهما القوات العراقية والعشائر. إلى ذلك، قُتِل عشرات في هجوم مباغت شنّه التنظيم، مساء أول من أمس على سجن في قضاء الخالص في ديالى، لتحرير سجناء، ما أدى إلى مواجهات استمرت لساعات، وأكدت الشرطة العراقية أنها نجحت خلالها في قتل عشرات من السجناء الفارين. ونقلت وكالة «رويترز» عن مصادر الشرطة أن حصيلة مواجهات السجن تجاوزت ستين قتيلاً. لكن مصادر أمنية قالت ل «الحياة» إن العملية تمت من داخل السجن، حيث نجح عدد من النزلاء معظمهم من عناصر «داعش» وبعضهم محكوم بالإعدام، بالسيطرة على السجن بعد قتل الحراس، ومن ثم الاستيلاء على مشجب الأسلحة في مديرية الشرطة، قبل ان يفر حوالى 30 منهم، ويسقط 40 آخرون بين قتيل وجريح. وأغلقت الشرطة المحلية حدود المحافظة وقطعت الطريق البري بين بغداد وكركوك. ورأت مصادر أمنية في ديالى، أن هجوم الخالص يلقي الضوء على إمكانات التنظيم، وقدرته على خوض معارك، علماً أن قوات «الحشد الشعبي» كانت أعلنت مطلع السنة تحرير كل مناطق ديالى من سيطرته. وتقع «الخالص» التي تسكنها غالبية شيعية، داخل مثلث يمتد من بلدة العظيم شمالاً وصولاً إلى بعقوبة جنوباً وريف بغداد الشمالي، غرباً، وكل تلك المناطق كانت أعلنت تحريرها قيادات في «الحشد الشعبي»، بينها زعيم «منظمة بدر» هادي العامري. وشكلت خسارة ديالى ومن ثم تكريت نكسة لدى أنصار «داعش» الذين تداولوا في منتديات متشددة انتقادات لقيادات في التنظيم، فيما اعتبر خبراء عسكريون بينهم اللواء المتقاعد نامق الجبوري أن «داعش» سارع إلى نقل المعركة إلى الأنبار، ويسعى الآن عبر هجمات في بغداد وديالى وصلاح الدين، إلى زعزعة القوى الأمنية لتغيير مسارات الحرب. وقال الجبوري ل «الحياة» إن «داعش» سعى إلى حرب استنزاف بدأها منذ شهور وربما تستمر شهوراً أخرى في هذه المدن، وهو تكتيك يجيده التنظيم. وزاد: «نجح داعش في الانتقال من حال الدفاع في ديالى وتكريت، إلى الهجوم في الأنبار ومن ثم العودة إلى مهاجمة ديالى وتكريت مجدداً، وهذا ما حدث في الخالص». وكان «داعش» شن هجمات خلال الساعات ال 48 الماضية في بيجي والدجيل في تكريت، وعاود الهجوم لليوم الثاني على حقلي علاس والعجيل شرق المدينة. وتبنّى التنظيم عبر حسابه الرسمي على «تويتر»، التفجير المزدوج بسيارتين مفخختين الذي استهدف حسينية في قضاء بلدروز، شرق بعقوبة أول من أمس، وأدى إلى سقوط عشرات من عناصر القوات الأمنية و «الحشد الشعبي» بين قتيل وجريح. وحذّر قائمقام قضاء بيجي محمد محمود من استمرار المعارك حول مصفاة بيجي، وأوضح في بيان أن «داعش يهاجم بشراسة المصفاة وتل أبو جراد وبلدة المالحة، والقوات الموجودة تقاوم لكن الأمر يحتاج إلى كتل بشرية لاستعادة المناطق الخاضعة لداعش». ونبّه إلى أن «بيجي ستسقط حتماً إذا بقيت الأوضاع على ما هي عليه». في بغداد سقط عشرات بين قتيل وجريح، بتفجيرات متزامنة ضربت مناطق من العاصمة، أبرزها تفجير استهدف منطقة الكرادة وسط العاصمة هو الثاني خلال أسبوع. في سياق متصل، قال شعلان النمراوي أحد شيوخ عشائر الأنبار في اتصال مع «الحياة»: «تفيد معلومات أكيدة وصلت إلينا بأن عشرات من مقاتلي داعش وصلوا أمس إلى قضاء القائم غرب الرمادي، آتين من سورية وهم مدججون بالأسلحة استعداداً لشن هجوم على بلدات غرب الأنبار». وأضاف: «أكدت معلومات استخباراتية واتصالات مع شيوخ عشائر الحدود في الأنبار، أن التنظيم يسعى إلى مهاجمة قضاء حديثة وناحية البغدادي، وأشار إلى أن «عناصر داعش دخلوا إلى القائم أمام أنظار طائرات التحالف الدولي».