يُنتظر أن يقر البرلمان السوداني غداً قانونا مثيرا للجدل ينظم استفتاء سكان إقليمجنوب السودان على تقرير مصير البلاد بين الوحدة أو الانفصال بعد 13 شهراً، إلى جانب قانونين آخرين مرتبطين به. والقوانين الثلاثة هي الأهم في الدورة التشريعية التي تنتهي نهاية الشهر لتفسح المجال أمام انتخاب برلمان جديد في نيسان (أبريل) المقبل. وأقر البرلمان الأربعاء الماضي القانون بغالبية أصوات نواب «حزب المؤتمر الوطني» الحاكم إثر انسحاب شركائهم في «الحركة الشعبية لتحرير السودان» والأحزاب الجنوبية الأخرى من الجلسة، احتجاجاً على النص على تصويت الجنوبيين الذين يعيشون في شمال البلاد حيث يعيشون، وليس في الإقليم، ما جدد الأزمة بين الطرفين. لكن تدخل قيادات الجانبين أسفر عن اتفاق وافق بموجبه الحزب الحاكم على التراجع عن موقفه وطرح القانون على البرلمان مجدداً غداً لإقراره حسب الصيغة الأولى. وتنص المادة مثار الخلاف في قانون الاستفتاء على إلزام السودانيين الجنوبيين الذين غادروا منطقتهم قبل العام 1956 (تاريخ استقلال السودان)، بالتصويت فى منطقة سكنهم الحالي، الأمر الذى يرفضه الجنوبيون ويطالبون بتسجيل كل الناخبين الجنوبيين واقتراعهم في الجنوب، عدا الذين نزحوا منه عقب اندلاع الحرب العام 1983، خوفاً من التزوير والتلاعب بالنتائج. ويعتقد الجنوبيون بان سكان الاقليم الذين غادروه قبل الاستقلال إلى شمال البلاد، تأثروا بالهوية الشمالية وسيكون معظمهم مع وحدة البلاد وليس مع استقلال الجنوب، ما يؤثر على عملية الاقتراع. وينص القانون الذي تطلب صوغه شهوراً من المفاوضات على إقرار استقلال جنوب السودان إذا حاز تأييد 51 في المئة من الأصوات، شرط أن تكون نسبة المشاركة 60 في المئة من المسجلين. ويحظى إقليمالجنوب بالحكم الذاتي منذ العام 2005، ويكاد يكون مستقلاً، إذ أن له جيشه ونظامين قانوني ومصرفي مختلفين عن الشمال، كما ينتخب برلمانه الخاص لكنه يشغل 28 في المئة من مقاعد مجلس الوزراء والبرلمان الاتحادي، حسب اتفاق السلام. وقال المسؤول السياسي في «المؤتمر الوطني» الحاكم إبراهيم غندور إن المادة الجديدة التي ستضاف إلى قانون الاستفتاء «ستوضح المطلوب في هذه القضية، وهو مكان اقتراع الجنوبين»، لكنه رفض تقديم أي تفاصيل إضافية عن نص المادة. أما الأمين العام ل «الحركة الشعبية» باقان أموم، فقال إن نواب حركته سيعودون إلى البرلمان غداً لإقرار قانون الاستفتاء وقوانين استفتاء مواطني منطقة أبيي المتنازع عليها بين البقاء مع الشمال أو الانضمام إلى الجنوب والمشورة الشعبية لولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق قبل نهاية الشهر. وأوضح أن الجانبين اتفقا على ضرورة التأكد من هوية الجنوبيين المستقرين في شمال السودان قبل العام 1956 حسب مناطقهم الأصلية في الجنوب، مشيراً إلى أن مراكز ستشكل للتصويت لكل عشرين ألف جنوبي، بما في ذلك المقيمين في شمال السودان وخارجه، وإن لم يتوافر هذا العدد من الناخبين في منطقة ما، فإن مركز الاقتراع سيكون في عاصمة الولاية أو المقاطعة، لافتاً إلى أن حق الجنوبين في التصويت «سيكون مضموناً في كل الحالات». لكن رئيس الوزراء السابق زعيم «حزب الأمة» المعارض الصادق المهدي رأى أن «انفصال الجنوب بات أكثر احتمالاً»، وأن «عوامل كثيرة جعلت المحافظة على وحدة السودان بحجمه الحالي في كونفيديرالية ثنائية أمراً غير وارد». وقال أمس إن «الظروف التي نعيشها الآن نحرت جُزءاً كبيراً من السيادة الوطنية... كل اتفاقات السلام تحتضر، والموقف السياسي الداخلي يندفع نحو استقطاب حاد»، مشيراً إلى أن حزبه يتبنى مبدأ «وحدة طوعية أو جوار أخوي». ودعا إلى «إنشاء كيان كونفيديرالي يضم شمال السودان وجنوبه ومصر وليبيا ودول الجوار الأفريقي». وبحسب تعداد سكاني أجراه الجهاز المركزي السوداني للإحصاء في العام 2008، فإن إجمالي عدد سكان السودان يبلغ 39.15 مليون نسمة يعيش منهم 30.89 مليون أي 79 في المئة في الشمال، بينما يعيش 8.26 مليون نسمة، أي 21 في المئة في الجنوب. وكشف التعداد الخامس في تاريخ البلاد والأول منذ 16 عاماً، أن تعداد الجنوبيين المقيمين في الشمال نصف مليون، يعيش 250 ألفاً منهم في ولاية الخرطوم. ورفض مسئولون جنوبيون نتائج التعداد، وقالوا إن تعدادات سابقة أظهرت أن سكان الجنوب يمثلون ثلث سكان البلاد وليس الخُمس فقط كما أظهر التعداد الجديد.