أخيراً تفهمت الأقلام الصحفية وبعض قيادات الاتحاد فكر المدير الفني للفريق الكروي السيد كالديرون وبدأوا يحولون انتقاداتهم الحادة إلى إعجاب وارتياح لما يقوم به من عمل فني عالي الجودة والذي حقق من خلاله البطولة الكبرى في دوري المحترفين في نسخته الأولى على حساب الفريق العملاق الهلال. كان كالديرون يخطط على المدى البعيد، ويعرف أن المنافسات المحلية تضم أربع بطولات، وأن بطولة الدوري، وهي البطولة الكبرى في كل بلد تحتاج إلى النفس الطويل، وهو ما لم يتعود عليه الاتحاديون الذين يضعون ثقلهم في كل المباريات ويستهلكون قدرات اللاعبين في مباريات متوسطة وعادية، لذا يخسر في المنعطفات الأخيرة، ويفقد لقب الدوري، وهو الأقرب له، ولذا كان تفكير كالديرون وخبرته السلاح الذي ألجم صحافة الاتحاد المحمومة، وأسكت بعض الأصوات النشاز التي كادت تعصف به في أهم مراحل المنافسات المحلية قبل خوض المنافسة الآسيوية المهمة بأسابيع، ولكن حكمة العقلاء حافظت على الثبات الفني، فحقق الاتحاد واحدة من أهم وأغلى البطولات في تاريخه. لم يكن الصوت المزعج لكالديرون من الصحافة الانفعالية التي تقيم عمل المدربين بالقطعة وأسهمت في حضور خمسة مدربين في الموسم الماضي، وكادت تكرر المشهد الهزيل أيضاً هذا الموسم، بل إن هناك رموزاً اتحادية تأثرت بهذه النغمة الظالمة، وانساقت خلفها بكل أسف وفي مقدمهم رئيس النادي جمال أبو عمارة والعضو المؤثر منصور البلوي، إذ جاهر هذا الثنائي بالنقد الحاد لكالديرون بعد تلقي الفريق أول خسارة من الأهلي وهي الخسارة الوحيدة للفريق في الدوري وحملوه تبعات الخسارة فضائياً بعد الحدث مباشرة، وكنا نتوقع أن الرئيس الخلوق والعضو المؤثر اكتسبا الخبرة التي تجعلهم يصمتون على الأقل أمام وسائل الإعلام ولا بأس من المحاسبة الهادئة بعد المباراة، ولكن انفلات الصوت الإعلامي انعكس على تصرفاتهم فجاهرا بالهجوم على المدير الفني لتبرئة ساحتهما من أي سقوط متوقع، وتحميل كل الإخفاقات على الشماعة الجاهزة « المدرب» كالديرون اعتمد على توزيع الجهد على كامل اللاعبين الذين وثق بهم، وفي قدراتهم وأعدّهم للمنافسات المحلية والخارجية، وأصبح الاتحاديون مطمئنين تماماً لأي لاعب يشارك، ولا يقلقون نهائياً من غياب أي لاعب مهما كان اسمه وهذه الفلسفة التدريبية حمت الفريق من سياسة لي الذراع التي كان ينتهجها بعض اللاعبين، ووضعت الفريق في فورمة الجاهزية في أي وقت وتحت أي ظرف. من خلال ما تعودناه من «فكر كالديرون» لم يجازف بكامل عناصره المؤثرة أمام الاتفاق لأن أمامه التزامات محلية وخارجية مهمة، إذ أراح بعض اللاعبين المهمين، وقد يستعين بهم في مباراة الرد، وقد يحتفظ بهم لما هو أهم، ويجب أن يتحرر الاتحاديون من سياسة تقويم المدربين بالقطعة، وعليهم أن يمنحوا الجهاز الفني كامل الثقة إذا أرادوا المزيد من الانجازات، وهم مؤهلون لها هذا الموسم بتوليفته التي تتوافر فيها كل مقومات ومفاتيح اللعب والفوز.