في وقت تعكف فيه جهات حكومية وخيرية على إغاثة المحتاجين جراء الكوارث، اعتاد منسوبو الفكر الضال على استغلال المناسبات الأليمة في تجنيد أخيار برتبة إرهابيين، يخادعون الناس بركوب عواطف المحسنين واستغلال طيبة المتضامنين مع الضحايا. وكشفت جهات أمنية مطلعة عن تجديد أشخاص وجهات غير مرخصة محاولاتهم خرق القوانين الخاصة بجمع التبرعات في البلاد، عبر إعلان أرقام حسابات شخصية من دون صفة قانونية عبر وسائل عدة. وأشارت المصادر إلى أن التساهل في التقيد بالأنظمة المقررة في جمع التبرعات، بات واحدة من «الثغرات» التي يستغلها المنتمون للفئة الضالة وأنصارهم في تمويل أعمالهم الإجرامية، من دون التفات إلى نبل غايات المتبرعين. وكانت إمارة منطقة مكةالمكرمة أعلنت من جانبها أخيراً عبر وسائل الإعلام تحذيرها الشديد للمواطنين والمقيمين من تلك المحاولات، مؤكدة أن اللجنة المشكّلة من الإمارة وحدها المخولة بتلقي التبرعات «النقدية» لمصلحة المتضررين من أزمة سيول جدة. إلا أن المخالفات على هذا الصعيد لا تزال تثير المخاوف. واعتبر المدير التنفيذي لمؤسسة ابن باز الخيرية الدكتور عبدالمحسن بن باز استغلال عواطف الناس وحبهم للخير بصرف صدقاتهم في غير ما أرادوا من الخداع والكذب المنهي عنه شرعاً، ويرى ضرورة التحلي بالفطنة والحذر من جانب المتبرعين. وحذّر من تقديم العاطفة على العقل في أزمات الكوارث التي قال إن «ضعفاء النفوس يعتبرونها موسماً لتحقيق مآربهم السيئة، فيما ينساق الناس فيها وراء عواطفهم بلا تثبت». وأضاف: «بما أن الدولة حددت قنوات التبرعات في كل القضايا، مثل اللجان التي تشكّل للكوارث والأزمات الطارئة، والجمعيات الخيرية المرخصة، فإنه لا عذر لأحد أن يضع صدقته أو تبرعه في مكان أو يد مشبوهة، توظفها في عكس ما أراد المتصدق، وفي الحديث دع ما يريبك إلا ما لا يريبك». أما رئيس اللجنة الأمنية في مجلس الشورى اللواء محمد أبوساق، فأكد وقوفه على أساليب متقدمة في التضليل يمارسها عدد من ضعاف النفوس الذين قال إنهم يجيّشون إمكاناتهم لاستغلال الكوارث سلبياً. لكنه أمل بأن تكون الجهود المبذولة من إمارات المناطق إلى جانب الشؤون الاجتماعية في الرقابة والمحاسبة كافية لضمان وصول التبرعات إلى مستحقيها ومعاقبة المتلاعبين، «بشرط أن يقوم المتبرعون بإيداع تبرعاتهم عبر القنوات الرسمية، أما إذا أعطى الناس كل من جاءهم من دون تثبت فتلك كارثة». وكان جمع التبرعات بطرق غير مشروعة مشكلة تتجدد مرات عدة، بدأ التضييق عليها بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) عبر تجفيف المنابع التي تموّل أعمال الفئة الضالة، إلا أن العناصر الإرهابية لا تزال تحاول إحياء نشاطها باستغلال أسماء مؤسسات ومناسبات دينية إلى جانب طيبة بعض المحسنين، في تعويض عجزها المالي بعد تقويض التعاطف معها محلياً.