كشف الخبير الاقتصادي الدكتور يوسف الشبيلي أنه يوجد 600 مصرف إسلامي منتشرة في 75 دولة في العالم تعتمد برامج التمويل الإسلامي. وأوضح الدكتور الشبيلي، في محاضرة ألقاها في مجلس حمد الجاسر بعنوان: «التمويل الإسلامي»، وأدراها محمد العتيبي أمس، أن النظام الرأسمالي يقوم على نظام الاشتقاق والاسترباح والتوليد من قيمة النقود، بل وتأجير النقود ذاتها، فالدولار بنظامهم يمكن أن يشتق منه مئة دولار، ويتم الترابح والمتاجرة به بين مئات الأشخاص. ولفت إلى أنه بعد أزمة أيلول (سبتمبر) 2008 العالمية، أدركت المصارف العالمية نظرية موجودة في الإسلام تعالج كثيراً من الإشكالات المالية، يلخصها حديث رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام: «لا تبع شيئاً لا تملكه»، ما يبطل كل الفقاعات التي ظهرت في الاقتصاد العالمي نتيجة تناقل النقد دون أن يمتلكوا سلعة فعلية تغطي قيمته. وقال: «المصارف الأميركية تمنح التمويلات بأحجام كبيرة، حتى إنها تبيع محافظ القروض، وبعض المستفيدين يشترون القروض على رغم علمهم بأنها من دون غطاء عيني، ويؤمنون عليها لدى شركات التأمين بمبالغ كبيرة، ما يضاعف قيمتها، مشيراً إلى أن من مسلمات النظام الرأسمالي بحد ذاته أن النقد والدين يمكن أن يباعا، وهو ما نهى عنه الإسلام. وأضاف: «إن بنك ليمان براذرز الأميركي أبهر الجمهور وهو يشرح كيف يمكن توليد مئة دولار من دولار واحد، قبل عام 2008، إلا أنه بعد ذوبان الفقاعة كان من أكثر المصارف خسارة على رغم أن لديه 780 بليون دولار»، مشيراً إلى أن المضاربات في السوق تكون غالباً أضعاف المبالغ الحقيقية، لذلك فإن أية خسارة تكون مضاعفة. وأفاد بأن التمويل الإسلامي يمنع بيع ما لا نملكه، ويحتم وجود سلعة فعلية للمتاجرة بها، وليس مجرد نقد، مشيراً إلى أن التمويل الإسلامي، كان يسير في حياء قبل الأزمة الاقتصادية العالمية، إلا أنه بعد الأزمة أدرك العالم أن المصارف الإسلامية لم تتعرض لأية خسائر، لاعتمادها على سلع وليس على نقد غير مغطى القيمة كما في معظم الدول التي أصابتها الأزمة. وأوضح أن استبدال النقد بسلعة (مشروع، مركبة، عقار، نفط) بحسب التمويل الإسلامي يمنع القوة الشرائية للعملة، مشيراً إلى أن أفرع المصارف تصفي حساباتها يومياً وتوردها إلى خزانة المصرف، الذي بدوره يتصرف بها في تعاملات منوعة. وبين أنه - بحسب التمويل الإسلامي - لا يمكن لشخص أن يربح من سلعة قبل أن يقبض ثمنها قبضاً حُكمياً أو حسياً، كما أن الدين لا يزيد بزيادة المدة عند عجز المستفيد عن السداد، أما في النظام الرأسمالي فعند تعثر المستفيد عن السداد يتم احتساب فائدة مضاعفة، مبيناً أنه يوجد 600 مصرف إسلامي منتشرة في 75 دولة في العالم تعتمد برامج التمويل الإسلامي. وأفاد بأن ماليزيا رائدة في برامج التمويل الإسلامي من طريق استخدام الصكوك الإسلامية في مشاريعها الخدمية من دون أن تحتاج إلى أموال من الخارج، كما أنها أصدرت قوانين تعاقب من يخالف تعليمات المصرف المركزي عقوبة «جنائية» تصل إلى 15 عاماً لو ثبت تدليس الموظف على المستفيد خارج نطاق التمويل الإسلامي. وأشار إلى أن كثيراً من الدول الإسلامية فيها عشوائية وغياب الحوكمة والرقابة والمراجعة الداخلية والخارجية، مبيناً أن عدداً من الشركات السعودية تعتمد الأسهم التي تعني حصة في الشركة وهي مطابقة لبرامج التمويل الإسلامي، إلا أن الإشكالات تأتي من حمّى المضاربات المالية. وقال: «أستغرب وجود مكاتب في المملكة مرخصة، أن تودع فيها 10 آلاف ريال وتمنح مليون ريال للمتاجرة بها على أن تعيدها في اليوم نفسه، وفي حال نقص المليون يرسل لك إنذاراً ويقوم بعملية تصفية مع ضمان عدم خسارته». وبين أنه في لندن يتم تداول المعادن على اختلاف أنواعها، إذ تمنح 15 إلى 20 دقيقة لكل معدن، ويتم البيع والشراء ببلايين الدولارات خلال دقائق، والحال كتلك في سوق وول ستريت في أميركا، داعياً إلى إيجاد سوق مماثلة في السعودية ضمن برامج التمويل الإسلامي لسلع وطنية، مثل التمر والنفط والمعادن. ولفت إلى أن وزارة العدل الأميركية نفسها استعانت بآية من سورة البقرة وأدرجتها في موقعها «وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ» (البقرة:280) في حال تعثر سداد المستفيد، كما استعانت كذلك بنصوص من التوراة والإنجيل. يذكر أن مداخلات الجمهور ركزت على إشكالات مالية عدة، منها البيع على الخريطة، وشراء السندات، والذهب، وبرامج الرهن العقاري.