يحرص الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال، مساء كل اثنين وخميس، وبالتحديد ما بين السابعة والثامنة مساء، على متابعة شاشة تلفزيون فلسطين، للتواصل مع أفراد أسرهم، الذين يمنع على بعضهم زيارتهم في الزنازين الإسرائيلية، بقرار من سلطات الاحتلال، وذلك عبر برنامج «لأجلكم»، الذي تقدمه الإعلامية منال سيف. وتحرص سيف وفريق العمل على التجول مرتين شهرياً، لزيارة مدينة، أو بلدة، أو قرية، أو مخيم، بناء على رغبات الأسرى التي تصلها عبر الهاتف، أو من خلال ذويهم ممن يتمكنون من زيارة أبنائهم الأسرى، لينقلوا معهم رسائل لرفاقهم المحرومين من الزيارة كعقاب لهم من سلطات الاحتلال، أو بدعوى الرفض الأمني للأهل. هذا كله يجعل برنامج «لأجلكم» بمثابة وسيلة لكسر قضبان السجون الإسرائيلية والحصار المفروض على الأسرى، الذين يعتبرونه جسراً بينهم وبين عائلاتهم وحتى ذكرياتهم في بلداتهم ومدنهم. فالحلقات التي يتجول من خلالها فريق «لأجلكم» في المحافظات الفلسطينية، لا تنقل فقط صور ورسائل الأهل إلى أبنائهم بشكل مباشر، بل إنها تصور شوارع المنطقة وحاراتها وأزقتها في محاولة للحفاظ على ذاكرة المكان لدى الأسرى، وما طرأ عليها من تغيير. وما يميز حلقات «لأجلكم» أنها زاخرة بالقصص الإنسانية المؤثرة، فهذا مريض بالسرطان ولديه ولدان، أحدهما محكوم بالسجن 200 سنة والآخر محكوم 150 سنة. وتلك لم تر ابنتها منذ سنوات طويلة، وثالث له في السجن ستة أبناء، إلا أن أكثر الحكايات تأثيراً، حكاية ذلك الأب المريض الذي طلب ابنه الأسير تصويره في غرفة العناية المركزة في المستشفى، فما كان من فريق البرنامج إلا أن انطلق ولبى رغبة الأسير، وتم بث صور الأب المريض الذي فارق الحياة في اليوم التالي، ثم بث جنازته. وبعض عناصر فريق «لأجلكم» ليس بعيداً من معاناة الأسرى وذويهم، فشقيق مقدمة البرنامج منال سيف يقبع في سجون الاحتلال منذ 18 عاماً ويقضي حكماً بالسجن «ثلاثة مؤبدات»، بينما مخرج البرنامج محمد عمرو أسير محرر. وتقول سيف الملقبة ب «أخت الأسرى»: «من شدة ترابطي مع الأسرى وحكاياتهم أطلقوا عليّ هذا اللقب الذي بات جزءاً مني ومن علاقتي بجميع الأسرى في سجون الاحتلال. انطلق البرنامج عام 2006، وكانت البداية نابعة من حكايتي الشخصية كأخت لأسير تعيش معاناة أهل الاسرى الذين يفعلون كل ما بوسعهم للحصول على أخبار تجعلهم يشعرون ولو بقليل من الطمأنينة». وتضيف سيف: «في البداية كان يتم التنسيق مع المؤسسات المعنية بشؤون الاسرى، إلا أننا مع الوقت بدأنا نحدث تطوراً تدريجياً في البرنامج، حتى وصل إلى ما هو عليه الآن، حيث بتنا نزور منازل الأسرى ومناطق سكناهم، وننظم حلقات تجمع عشرات الأسر في بلدة أو مدينة بعينها، وذلك من أجل تسليط الضوء على كثير من التفاصيل التي يأمل الأسير بمشاهدتها». وتشير إلى أن البرنامج لم يعد يقتصر على كونه حلقة وصل بين الأسرى وذويهم، بل «بات يسعى لتقديم المساعدات القانونية لهم، من خلال التنسيق مع المحامين والمؤسسات الرسمية والأهلية ذات العلاقة»، مشددة على أن معاناة الأسرى في حاجة إلى التفات الجميع إليها، «فهناك عشرات المرضى وكبار السن والنساء والأطفال داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي». وتستغرب سيف عدم اهتمام الفضائيات العربية بقضية الأسرى، وكأنها قضية فلسطينية فحسب، مشددة على اهمية أن تفرد هذه القنوات برامج خاصة عن هؤلاء القابعين في السجون الإسرائيلية بخاصة تلك القنوات ذات الجماهيرية الواسعة على المستوى العربي. وتؤكد سيف أن حياتها الخاصة لم تعد ملكاً لها بل للأسرى وقضيتهم، وهو حال محمد عمرو مخرج «لأجلكم» الذي يقول: «إن إخراج هذا النوع من البرامج يتطلب حساسية معينة لدى المخرج تجاه معاناة الأسرى وذويهم. أعمل مخرجاً للبرنامج منذ عام ونصف العام، ومنذ ذلك الوقت أخصص جل وقتي لقضايا الأسرى التي هي محور البرنامج». ويضيف عمرو، الذي تحدث على تطوير في شكل البرنامج إضافة الى مضمونه: «صارت تربطنا بأهالي الأسرى علاقات مميزة جداً الى درجة نشعر بأننا، وعند زيارة منزل أي اسير، «من أهل البيت»، وأعتقد أن هذه المشاعر المتبادلة بين فريق العمل والأسرى وأهاليهم، من أهم عناصر القوة في البرنامج».