ما كاد حبر الإتفاق غير المُجدي في كوبنهاغن يجف، حتى صدر تقرير علمي من شأنه أن يزيد الإحباط حيال ما فعله مؤتمر كوبنهاغن الفاشل. إذ يعتقد بعض العلماء ان استمرار المستويات الراهنة من تراكم ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي، من شأنه ان يرفع حرارة الأرض أكثر مما يُعتقد حاضراً. وبحسب دراسة نشرتها مجموعة من علماء المناخ في جامعة "يال" الأميركية على موقع "نايتشر" الرقمي، أدّت زيادة صغيرة نسبياً من تركيز ثاني أوكسيد الكربون في الجو، في عند منتصف العصر الباليوسيني (قبل مايتراوح بين ثلاثة ةخمسة ملايين سنة) الى ارتفاع كبير في حرارة الأرض. وحينها، فاقت حرارة الأرض ما هي عليه الآن بما يترواح بين 3 و4 درجات مئوية. ويترجم العلماء ذلك الأمر بالإعتماد على مؤشر يسمونه "حساسية المناخ". ويربط هذا المؤشر بين تضاعف مستوى ثاني اوكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وبين الارتفاع في الحرارة. وبالاعتماد على ذلك المؤشر، وجد العلماء ان "حساسية المناخ" في العصر الباليوسيني كانت تتراوح بين 1.5 و4.5 درجة مئوية. وللوصول الى هذه النتيجة، اعتمدوا على نماذج المحاكاة الإفتراضية للمناخ التي نستخدمها حاضراً. ولاحظ البروفسور مارك بغاني رئيس المجموعة العلمية التي انجزت هذه الدراسة، أن هذه النماذج الافتراضية تقيس العوامل التي تؤثر بصورة سريعة في المناخ مثل درجة الرطوبة وزذاذ المبيدات والمعطرات، والثلوج الطافية في المسطحات المائية والغيوم. وفي المقابل، أعلن بغاني أن فريقه سعى لرصد العوامل التي تؤثر ببطء وعلى المدى الزمني المتطاول، مثل مستوى الثلوج في القطبين والحرارة في جوف الأرض، والغازات الأخرى (غير ثاني أوكسيد الكربون) التي تؤدي الى الإحتباس الحراري، مثل الميثان. وللوصول الى تلك الغاية، راقبت المجموعة السجل التاريخي لحرارة الأرض، مع التركيز على مستوى للغازات المرتبطة بالاحتباس الحراري. واستطاعوا ملاحظة فترة من الارتفاع في حرارة الأرض، تشبه ما نعيشه حاضراً، هي تلك التي شهدها كوكبنا في العصر الباليوسيني. وبالتحليل، تبيّن ان مستوى ثاني أوكسيد الكربون في الجو كان متواضعاً، إذ تراوح بين 365 و418 جزء في المليون، مع العلم ان مستوى ذلك الغاز راهناً تقارب 386 جزءاً. وعلى رغم ذلك المستوى المتواضع، شهدت الأرض إرتفاعاً كبيراً في الحرارة، فاق ما نعيشه راهناً بما يتراوح بين 3و5 درجات مئوية. وبالنظر الى الطابع الاستدلالي لهذه الدراسة، فمن المتوقع أن تساهم في زيادة حدّة النقاش بين العلماء عن العلاقة بين ماضي الاحتباس الحراري في الأرض وحاضره، وكذلك مستقبله. للمزيد من المعلومات، يمكن الرجوع الى موقع جامعة "يال" على الإنترنت ("يال. إديو" yale.edu).