يشهد جبل صبر المطل على مدينة تعز اليمنية نشاطات جديدة لإعادة صوغ صورته التقليدية، فيما يكاد يختفي مشهد «الصبريات» بائعات الورد والفاكهة والقات، وهن يهبطن من قراهن الجبلية في رحلة يومية إلى أسواق المدينة. وأدى تعبيد الطريق الواصلة الجبل بالمدينة، وإنشاء فندق ومتنزه، إلى بروز نشاطات جديدة حولت بعض قرى جبل صبر إلى أشبه بمنتجعات يقصدها كثير من الزوار اليمنيين والأجانب. وانتعشت بعض المناطق مثل «دار النصر» بمهن لم تكن معروفة ومنها تحويل البعض منازلهن إلى «استراحات» وغرف مجهزة لاستقبال الزوار . وتملك سميرة (37 سنة) منزلاً يحتوي على ست غرف مفروشة بما يسمى «المجلس العربي» المتلائم مع جلسات تعاطي القات. ويتراوح إيجار الغرفة بين 5 الى 10 دولارات، لفترة تمتد عادة من منتصف النهار إلى ما بعد الغروب. وتقول سميرة وهي من أوائل نساء المنطقة العاملات في هذا المجال إنها تكسب جيداً لكن ليس بالقدر الذي كان عليه دخلها في السنوات الماضية قبل أن تؤدي أعمال العنف التي استهدفت الأجانب إلى انكماش السياحة في البلد. ومع تعبيد الطريق وافتتاح فندق ومتنزه في الجبل على نفقة رئيس دولة الإمارات الراحل زايد بن سلطان، بدأ كثير من سكان مدينة تعز التي يطلق عليها البعض أيضاً اسم الحالمة، يقصدون الجبل للنزهة وقضاء أوقات الإجازة. وعلاوة على الهواء النقي والمشاهد الطبيعية واعتدال الجو يوفر جبل صبر البالغ ارتفاعه 3070 متراً عن مستوى سطح البحر، نظرة بانورامية تطل على المدينة من أعلى. وتضيف سميرة أنها ارتبطت بالسياح الأجانب بعلاقات جيدة لدرجة ان البعض بات يناديها بصديقة السياح. وتوضح أن قناة تلفزيونية فرنسية تعاقدت معها لتجسد في شريط وثائقي ادوار المرأة الصبرية العاملة في مهن مختلفة، من خلال رحلتها اليومية ابتداء من مغادرة القرية صباحاً والبيع في أسواق المدينة حتى عودتها مساء إلى الجبل. وعدا تقديم الخدمات الاعتيادية عرفت سميرة بتزيين أكف السائحات. ويعد جبل صبر المنطقة اليمنية الأبرز لخروج المرأة واقتحامها سوق العمل فيما يبقى الرجل في البيت. وتميزت الصبريات بقوة الشخصية والثقة بالنفس. وارتداء الزي الشعبي اللافت للانتباه . ويحضر صبر ونسوته في عدد من الأغاني الشعبية والأعمال التشكيلية والأدبية مثال « جبل صبر عالي حتى على الشمس، و «الغادية يهمس بأذنها همس» و «جبل صبر ملوي ثلاث ليات لية بنات وليتين غصون قات». وبدا أن تغيرات طرأت على الصورة التقليدية للجبل. ويرى البعض أن انتشار التعليم في أوساط الأجيال الجديدة وراء امتناع كثير من فتيات المنطقة عن الخروج للعمل في مجال البيع. كما أدى انتشار الأفكار المتشددة إلى استبدال الشرشف والبالط بالزي الشعبي. وتلفت سميرة إلى انحسار عدد الخياطين المتخصصين بحياكة اللباس الصبري التقليدي.