ملك الأردن يصل جدة    فرص ضخمة للاستثمارات العالمية مدينة الملك سلمان "سبارك".. منظومة متقدمة لصناعات الطاقة    مؤشرات وأسواق    الجدعان مؤكداً خلال "الطاولة المستديرة" بواشنطن: المملكة بيئة محفزة للمستثمرين وشراكة القطاع الخاص    10 شهداء حرقًا ووفاة 40 % من مرضى الكلى.. والأونروا تحذّر.. الاحتلال يتوسع في جرائم إبادة غزة بالنار والمرض والجوع    لبنان.. الانتخابات البلدية في الجنوب والنبطية 24 مايو    الشرع: لا تهديد من أراضينا وواشنطن مطالبة برفع العقوبات    أرامكو تضخ طاقة تنافسية في شرايين القادسية    أرامكو تنظم فعاليات برنامج الفيفا للمدارس بالظهران    الاستاد الرئيس لنادي القادسية بسعة 47 ألف متفرج: ملعب أرامكو.. تحفة فنية ب» هوية سعودية»    الرجيب يحتفل بزواج «إبراهيم وعبدالعزيز»    المالكي يحصد الماجستير    تكريم متقاعدي المختبر في جدة    فصول مبكرة من الثقافة والترفيه.. قصة راديو وتلفزيون أرامكو    جامعة الفيصل تحتفي بتخريج طلاب "الدراسات العليا"    ناقش مع الدوسري تعزيز الخطاب الإعلامي المسؤول .. أمير المدينة: مهتمون بتبني مشاريع إعلامية تنموية تبرز تطور المنطقة    في ذكرى العام التاسع للرؤية    واردات البولي إيثيلين السعودية تحافظ على قوتها في أسواق آسيا    الرياض تستضيف أعمال مسارات خفض الانبعاثات الكربونية في الصناعات البترولية    من يلو إلى روشن.. نيوم يكتب التاريخ    ولي العهد وملك الأردن يستعرضان العلاقات وفرص تنميتها    تعادل الرياض والفتح وفوز الأخدود على الخلود    كأس الاتحاد للكرة الطائرة.. النصر يواجه الاتحاد .. والهلال يقابل الفائز من الابتسام والصفا    منجزاتنا ضد النسيان    وادي حنيفة.. تنمية مستدامة    إطلاق 33 كائنًا فطريًا في محمية الملك خالد    جائزة محمد بن صالح بن سلطان تنظم ملتقى خدمات ذوي الإعاقة    غرامة (50,000) ريال والسجن للمتأخرين عن الإبلاغ عمن انتهت تأشيرتهم    إيران تندد بالعقوبات الأميركية قبيل جولة المحادثات الثالثة    كشمير: هجوم مسلح على سياح يردي 26 قتيلاً    كييف مستعدة لمحادثات مباشرة مع موسكو    «الأدب» تدشن جناح الرياض بمعرض بوينس آيرس الدولي للكتاب    الجائزة تحمل رسالة عظيمة    حماية العلامات التجارية في السعودية    تَذكُّرُ النِّعم    لا مواقع لأئمة الحرمين والخطباء في التواصل الاجتماعي    التصلب الحدبي.. فهم واحتواء    الامير جلوي بن عبدالعزيز" يرعى حفل تخريج 3747 طالبًا وطالبة    2.02 تريليون ريال قيمة صفقات التركزات الاقتصادية    نحو فتاة واعية بدينها، معتزة بوطنها: لقاء تربوي وطني لفرع الإفتاء بجازان في مؤسسة رعاية الفتيات    4 ملايين ريال لتمويل 82 علامة سعودية    كشمير: تعزيزات أمنية واسعة ومطاردة منفذي هجوم بيساران    "واعي جازان" يحتفي بروّاد العطاء ويُكرّم شركاء النجاح        أمير المنطقة الشرقية يرعى حفل تخريج الدفعة ال55 من طلاب وطالبات جامعة الملك فهد للبترول والمعادن    أمير تبوك يهنئ نيوم بمناسبة صعوده لدوري روشن للمحترفين    بعد أن يرحل الحريد.. ماذا تبقى من المهرجان؟ وماذا ينتظر فرسان؟    أمير الرياض يدشّن مشروعات تنموية في الخرج بتكلفة 47 مليون ريال    افتتاح جناح مدينة الرياض بمعرض بوينس آيرس الدولي للكتاب    أمير تبوك يستقبل الفائزين في معرض جنيف الدولي للاختراعات    بخبرة وكفاءة.. أطباء دله نمار ينقذون حياة سيدة خمسينية بعد توقف مفاجئ للقلب    الأمير محمد بن ناصر يرعى انطلاق ملتقى "المواطَنة الواعية" بتعليم جازان    أمير الحدود الشمالية‬⁩ يدشّن مشروعات صحية بأكثر من 322 مليون ريال    معرّفات ظلامية    مجلس الوزراء يؤكد الحرص على معالجة ارتفاع أسعار الأراضي    مؤتمر القصيم لطب الطوارئ يختتم أعماله    ما الأقوى: الشريعة أم القانون    موجبات الولادة القيصرية وعلاقتها بالحكم الروماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«ثورة محافظة ثانية» : الجهود الجديدة لاستنهاض الحزب الجمهوري
نشر في الحياة يوم 19 - 04 - 2009

كما أن رئاسة باراك أوباما للولايات المتحدة تشكل على أكثر من صعيد عودة إلى الأجواء التي سادت البلاد في مطلع التسعينات، مع تولي الرئيس الأسبق بيل كلينتون مهام المنصب، وذلك من حيث الشروع ببرامج واسعة النطاق تنقل الولايات المتحدة من الإطار المحافظ الذي تكرس في المرحلة السابقة إلى صيغة تقدمية جديدة، فإن أجواء المحافظين الأميركيين تشهد بدورها استعادة للشعارات والمخاضات التي عاشتها الحركة المحافظة في مطلع التسعينات. طبعاً الفروق عديدة ومهمة، والخلفية الدولية للوضعين مختلفة، ولكن القاسم المشترك بينهما هو الحديث عن «ثورة محافظة». وإذا كانت ثورة التسعينات قد حققت بالفعل نجاحاً قاطعاً، فإن الوسط المحافظ في الولايات المتحدة اليوم يريد تكرار التجربة، وإن كانت لا تزال في مطلعها.
لا شك أن الحزب الجمهوري اليوم يفتقد الوجه القيادي القادر على التحفيز. فمرشحه في الانتخابات الماضية، جون ماكين، متقدم بالسن، بل هو أثبت من خلال فشله الانتخابي محدودية جاذبيته، وحاكمة ولاية ألاسكا سارا بايلن، والتي اختارها ماكين مرشحة لمنصب نائب الرئيس، وهي التي أضافت زخماً نجومياً لحملته الانتخابية، قد بلغت أقصى آفاق قدرتها على التعبئة والتأثير دون أن تشكل بديلاً قادراً على قيادة الحزب. أما جملة حكام الولايات الحاليين والسابقين، والذين يرى فيهم البعض الوعود، فإن أياً منهم لم يتمكن بعد من البروز بشكل مقنع حتى لمحازبيه.
غير أن ثمة عاملين يدفعان باتجاه «ثورة محافظة» جديدة. أحدهما هو حكماً حجم الالتزامات المالية التي أقرّتها حكومة الرئيس أوباما للخروج من الأزمة الاقتصادية أولاً، ولوضع مجموعة واسعة من المشاريع المنصبة في إطار الرؤية التقدمية موضع التنفيذ ثانياً. وفي حين أن هذه الالتزامات قد جاءت مصحوبة بتعهد علني من الرئيس أوباما بأن العبء الضريبي لن يرتفع بل سوف ينخفض بالنسبة للغالبية الساحقة في الولايات المتحدة، فإن ردة الفعل المحافظة تركزت على التشكيك بمعقولية هذا الطرح، إذ ليس من تصور، مهما كان متفائلاً، يسمح بافتراض سبيل إلى اجتراح المبالغ الهائلة التي تتطلبها هذه الالتزامات دون ترجمتها أعباء ضريبية. والسبيل الوحيد للرئيس أوباما للوفاء بوعده، وفق التحليل المحافظ، هو تأجيل تحميل المجتمع الأميركي مسؤولية هذا الإنفاق الهائل، والسماح بتفاقم الدين العام، مع ما يشكله ذلك من استدانة مجحفة من الجيل المقبل.
وبالفعل، فإن حملة الاعتراضات على العبء الضريبي، والتي غالباً ما تشهدها البلاد يوم الخامس عشر من نيسان من كل عام (وهو تاريخ استحقاق ضريبة الدخل السنوية)، قد جاءت مدوية هذا العام، فشهدت معظم المدن الكبرى في الولايات المتحدة مظاهرات (رمزية في غالبها)، إلا أن مضمونها لم يكن العبء الضريبي القائم اليوم بقدر ما كان الخوف من نتائج سياسة الإنفاق الحالية على الدين العام والصحة الاقتصادية للجيل المقبل.
ويشتكي بعض الكتاب المحافظين من الإضرار بالصيغة المبدئية للنظام السياسي في الولايات المتحدة والناتج عن خطوات الحكومة الحالية. ذلك أن الرئيس أوباما قد تحدث عن إصلاحات ضريبية باتجاه تحقيق «الإنصاف» الاقتصادي والاجتماعي، تؤدي فعلياً إلى إعفاء نصف المجتمع الأميركي من أية مساهمة ضريبية، وفق الحسابات المحافظة، وتلقي معظم العبء الضريبي على الشريحة العليا من الهرم الاجتماعي الاقتصادي. وهذا التوجه، كما يراه المحافظون، على استحالة تحقيقه للنتائج المرجوة (ذلك أن كامل دخل الشريحة العليا لا يكفي للتعويض عن المساهمات المعفاة)، يشكل طرحاً شعبوياً تعبوياً يهدف إلى ضمان الولاء السياسي للأوساط المستفيدة من خلال إضرام صدام طبقي، في حين أنه يقوّض النشاط الاقتصادي وينسف الأساس المبدئي الذي يربط بين المشاركة في العبء الضريبي والتمثيل السياسي.
أما العامل الثاني الذي يحفّز ثورة محافظة جديدة فهو توالي الهفوات والأخطاء من الرئاسة الجديدة. وإذا كان طاقم الرئيس أوباما، وأوباما نفسه، لا يزال في طور التأقلم مع المسؤوليات الجديدة، مع ما يستتبع ذلك حكماً من زلّات، فإن المتابعين المحافظين لأدائه قد تمكنوا بالفعل من اصطياد العديد من الأخطاء المثيرة للسخط في بعض الأوساط. وآخر صيدهم تقرير من إعداد وزارة الأمن الداخلي يترصد مخاطر التطرف لدى التيارات «اليمينية». والواقع أن هذا التقرير المخصص للاستعمالات الرسمية، والذي جرى تسريبه للإعلام، لا يختلف في مضمونه عن غيره من التقارير التي تعدها الجهات الأمنية المختلفة على المستوى الاتحادي وعلى مستوى الولايات. إلا أن اقتصاره على «اليمين»، لاندراجه ضمن سلسلة تتطرق لسائر التيارات (اليسارية والإسلامية)، واستعماله لصراحة خالية من التنميق الذي اصطلحت الثقافة الأميركية على التزامه في الخطاب العام، أتاح المجال للمعلقين المحافظين لاعتباره نموذجاً لتطفل من الحكومة الجديدة على الحريات العامة ولخضوع أولوياتها للاعتبارات السياسية. وفي حين أن التقرير يتحدث عن احتمال عودة البروز لظاهرة الميليشيات المسلحة التي كانت قد عاشتها البلاد في مطلع التسعينات، وذلك نتيجة لبعض الأوضاع الاقتصادية والثقافية، فإن الضوضاء التي أثيرت حوله من شأنها، بدورها، التشجيع على هذه العودة لإصرارها على تصوير تصادمي للعلاقة بين الدولة والمجتمع.
ولا تزال الفترة الزمنية لاختبار مدى عمق «الثورة المحافظة» الجديدة طويلة نسبياً، فالاستحقاق الانتخابي المقبل هو في تشرين الثاني (نوفمبر) 2010. وقدرة هذه الثورة على التعبئة تبقى مقيدة بدرجة النجاح أو الفشل المنسوب إلى الرئيس أوباما في المرحلة المقبلة ولا سيما في معالجة الأزمة الاقتصادية. غير أن هذه الثورة تفتقد مقوماً جوهرياً كان قد تحقق لنظيرتها قبل أقل من عقدين، وهو الطرح الممنهج البديل. فلا يكفي المحافظين الاعتراض على ما هو قائم دون التقدم بخطة لحل يسمح للمواطن الأميركي بالاطمئنان إلى مستقبل بلاده. فإلى أن تجد هذه الثورة حلولها، وقيادتها، فإنها محكومة بأن تكون حركة اعتراضية وحسب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.