«ذات يوم في روما»، هو العنوان الذي اختاره الفنان المصري أحمد شبيطة، لمجموعة الصور الفوتوغرافية التي التقطها أثناء زيارته العاصمة الإيطالية روما، والتي يعرضها حالياً في قاعة نهضة مصر في القاهرة. يعكس العنوان طبيعة التجربة التي يقدّمها الفنان، والتي يغلب عليها الطابع التسجيلي، فهو كزائر يطلّ على المدينة للمرة الأولى، محاولاً قدر المستطاع رسم صورة متكاملة لها. تبدو المسلّة الفرعونية المنتصبة في أحد ميادين روما، بداية جيدة يمكن أن تستهلّ بها مشاهداتك لتلك الأعمال الفوتوغرافية. فهي تهيئ المشاهد لجولة مصوّرة يحتل الجانب التاريخي منها مكاناً مميزاً. الجانب الذي يبدو طاغياً على المشهد العام لمجموعة واسعة من الصور المعروضة. ولكن شبيطة لم ينسَ أن يؤكد أيضاً ذلك المزج بين الماضي والحاضر، وهو مزج يحمل إيقاعاً بصرياً ذا دلالة، ويعكس طبيعة المكان. وهو يدرك أن الصورة الفوتوغرافية ليست مجرد أداة للتسجيل، بل وسيلة للتعبير عن المشاعر والأفكار أيضاً، ويبحث الفوتوغرافي دائماً عن تلك اللحظة الفارقة التي تعكس اقتناعاته الخاصة، وتقلّص التجربة في مجرد مشهد واحد وصامت. مشهد متجمّد لكنه يموج بالحركة والأفكار. ونحن هنا، ننظر إلى المدينة بعين المصوّر التي توازي بين وجهي روما التاريخي والمعاصر، في نسيج واحد مترابط. وهي رؤية تسجيلية تبدو متأثرة بقراءات سابقة أو بتصوّرٍ عام لمدينة مثل روما، وما تحمله من إرث حضاري وفني وثقافي له مكانته في التاريخ الإنساني. وهي صورة نمطية للعاصمة الإيطالية لا تنفي وجود أوجه أخرى مختلفة. تحمل المشاهد إحساساً مرهفاً بروح المكان وطبيعته، ذلك أن الفنان لم يتدخل في صوغ الصور، ولم يضف إليها أو يعيد ترتيب عناصرها، بل اكتفى بالمشهد كما هو، معتمداً على جماليات العناصر وعلاقتها بالظل والضوء. تعتمد الأعمال التي يقدّمها شبيطة، في جانب كبير منها، على العلاقة بين الناس والمكان، إذ يظهر في الصور أناسٌ عابرون يلتقطون صوراً أو يعزفون على آلاتٍ موسيقية. ولكن، تبقى أكثر الصور تأثيراً هي تلك التي تربط بين الأماكن التاريخية ومظاهر المدنية الحديثة، فثمة إحساس مرهف باللون استطاع الفنان توظيفه لتأكيد ذلك الوجه المميز للمدينة. فالألوان الحيادية للبنايات الأثرية، تمتزج بضوء السيارات وملابس المارة، في شكل لافت. أما العلاقات الإنسانية، فنراها في صور لحفلة زفاف، وثانية لعازف على آلة الكمان يجلس وحيداً، وأخرى لفتاة غارقة في تأملاتها داخل أحد المتاحف أمام لوحة مارلين مونرو لآندي وارهول. الصور في مجملها مبهجة، تعكس الدهشة التي رافقت المصوّر أثناء زيارته مدينة الفنون، وهو حلم طالما راوده منذ كان طالباً في كلية الفنون الجميلة. والمعرض هو نتاج زيارتين لروما قام بهما الفنان في أيار (مايو) 2012 وأيار 2014، ويأتي ضمن سلسلة من المعارض التي أقامها شبيطة مستكشفاً فيها معالم المدن التي زارها. وبدأت هذه السلسلة بمعرض في عام 2009 عن مدينة الإسكندرية، تلاها معرض عن مدينة مكناس المغربية بمشاركة المصوّر الفرنسي جيم ريبار، ثم معرض «شفشاون... اللؤلؤة الزرقاء» بمشاركة 9 فنانين من 7 دول.