باتت المهن اليدوية اليوم نادرة خصوصاً مع انتشار الآلات الحديثة والمتطورة، ويصعب أن تجد من يحتفظ بصناعة ما تذكرنا بعصر مضى، لكن هذا ما يفعله المصري محمد عبدالعال (42 سنة) صانع المنحوتات والتماثيل الفرعونية. تعلم عبدالعال صنعته من صهره الذي كان يملك ورشة لصنع التماثيل الصغيرة، ويقول: «لم أكن أحب هذه المهنة ولكن عندما تقرب أخي منها وتردد على ورشة صهري قررت أن أتعلم أنا أيضاً وتعاونا جميعاً طوال 20 سنة فوجدت نفسي أحبها لدرجة العشق، إلى أن قررت منذ خمس سنوات الاستقلال بورشتي». ويعتبر عبدالعال أن الحضارة الفرعونية هي أقدم الحضارات على الإطلاق وأعظمها ومنذ أن أتقن هذه الصنعة تولد لديه حب الاستطلاع لمعرفة المزيد من التاريخ الفرعوني حتى أصبح ملماً به على رغم عدم دراسته له. وما يدعو للدهشة، إتقان عبد العال الكتابة بالهيروغليفية والتي تظهر واضحة على التماثيل الصغيرة وهو يقرأ كل الكتابات الفرعونية وليس فقط ما يصنعه. ويشير عبدالعال إلى أنه تعلم كتابة هذه اللغة نتيجة خبرته، خصوصاً أن المنقوشات الفرعونية والرسوم كان يصاحبها بعض الرموز الهيروغليفية تشرح ما جاء في الرسمة. وعن أهم الخطوات التي يقوم بها عبدالعال لصنع مثل هذه التماثيل الفرعونية الصغيرة يقول: «أقوم بخلط بعض المواد الكيماوية والحصوات المطحونة ثم أضعها في قوالب مصنوعة من مادة السيليكون». ويضيف عبدالعال: «يمكن استخدام مادة الفلين عوضاً عن تلك المواد الصلبة ذات الحجم الثقيل وهذه التي تكون الأفضل للسائح لأن المادة خفيفة بالتالي تكون ذات وزن خفيف ويسهل نقلها». وتتعدد ألوان المنحوتات والتماثيل ما بين الأبيض والذهبي والأسود ويتزايد الإقبال على اللون الأسود حيث يعد الأكثر شهرة في عصر الفراعنة ويطلق عليه «البازانت» وهو شديد الصلابة. وبما أن التلوين بالذهب لم يكن وارداً فأنهم كانوا يستخدمون الذهب الخالص في صنع تماثيلهم. ويحتاج عبد العال لصنع 50 قطعة منحوتة الى يومين إذا كانت القطع صغيرة أما إذا كانت أكبر فستحتاج لمدة أطول. وتختلف أشكال تلك التماثيل التي يصنعها أما الأكثر طلباً فهي توت عنخ آمون وحورس ورمسيس ونفرتيتي والقطة الفرعونية وكذلك السفينة الفرعونية. كما إنه يدخل أشكالاً فرعونية في صنع بعض الأدوات التي نستخدمها في حياتنا العامة مثل منفضة السجائر. وترتبط مهنة عبدالعال بالسياحة ارتباطاً وثيقاً. وهو يرى أن المنتجات الصينية استطاعت أن تغزو الأسواق المصرية كما استطاع الصينيون تقليد التراث المصري مثل الفوانيس وغيرها من المنتجات إلا أنهم لن يستطيعوا اختراق صناعة المنحوتات الفرعونية المصرية.