توصل المشاركون في «المنتدى العربي التركي» الثاني الذي اختتم أعماله في دمشق أمس إلى خطوات عملية لتفعيل التعاون التركي - العربي والارتقاء به إلى المستوى الاستراتيجي. وشارك في الاجتماع وزير الخارجية السوري وليد المعلم ونظيره التركي احمد داود اوغلو والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ووزير العمل القطري سلطان الدوسري وأمين اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي الليبي موسى محمد كوسة وممثلون عن السودان والعراق والصومال. واتفق المشاركون على تشكيل ورش عمل. وستستضيف دمشق في الربع الأول من العام المقبل ورشة عمل عن الأمن الإقليمي، وتركيا في الربع الثاني من العام ذاته ورشة الثقافة والتعليم والبحث العلمي، على أن تستضيف السودان في النصف الثاني من العام المقبل ورشة الزراعة والأمن الغذائي. وسيسبق هذه الورش اجتماعاً في جامعة الدول العربية في كانون الثاني (يناير) لإعداد برامج والاتفاق على استراتيجيات العمل في إطار هذا المنتدى. وقال وزير الخارجية السوري وليد المعلم في كلمة له أمام المنتدى «إن التعاون العربي - التركي يشكل ركيزة مهمة من ركائز النمو والتقدم والاستقرار في منطقتنا، وهو ليس وليد الإرادة السياسية وحدها، وإنما ينطلق من أساس متين صنعته روابط التاريخ والثقافة والجغرافية». وأضاف: «نريد لثمرات هذا التعاون ومحصلاته الإيجابية المتوقعة أن تسهم في توسيع إطار التعاون العربي - التركي وتعميق آلياته ومضامينه». وأشاد المعلم بالموقف التركي البناء من القضايا العربية عموماً «والصراع العربي - الإسرائيلي والحاجة لتحقيق السلام العادل والشامل خصوصاً»، لافتاً إلى أن تركيا «لعبت دوراً موضوعياً كوسيط نزيه في المحادثات غير المباشرة بين سورية وإسرائيل». ونفى المعلم أن يكون المنتدى بحث في توتر العلاقات السورية - العراقية أو أي مواضيع ذات صبغة «ثنائية». وقال إن «العراق لم يستطع أن يقدم أي دليل على اتهاماته لسورية بالتورط في التفجيرات التي شهدتها بغداد»، مشيراً إلى «وجود تضارب بين تصريحات المسؤولين العراقيين» وحال من «الفوضى». ودعا موسى إلى «ضرورة إعادة النظر في التركيبة الحالية للمنتدى الوزاري للتعاون العربي - التركي حتى تكون أكثر فاعلية والى تنشيط أعمال المنتدى والابتعاد عن الروتين»، معتبراً أن عقد المنتدى يعبر عن «رغبة عربية في دعم العلاقات مع تركيا والتقدم بها إلى مستوى استراتيجي له تأثيره الإقليمي في هذه المنطقة». وقال وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو «إن تركيا تولي اهتماماً بالغاً بالتعاون مع الدول العربية كافة، لأن هذا التعاون ضروري، وهناك طاقات وإمكانات متوافرة في العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية». وأضاف خلال مؤتمر صحافي مع المعلم وعمرو موسى: «بدأنا بتأسيس آلية للتعاون الاقتصادي الاستراتيجي الرفيع المستوى وشكلنا هذه الآلية مع سورية والعراق، والآن بدأنا مع الأردن وليبيا. ونتطلع إلى التكامل الاقتصادي مع كل الدول العربية». وزاد: «طبقنا عدداً من الاتفاقات من بينها اتفاق إعفاء المواطنين من تأشيرة الدخول مع سورية وليبيا، وقريباً جداً مع الأردن وبقية الدول العربية». وأشار الى أن العلاقات بين تركيا والدول العربية ليست بديلة عن علاقة أنقرة مع «أي جانب» بل تكاملية وتعاونية. وأكد رغبة بلاده في تطوير التعاون الاقتصادي مع العرب. وقال إن «علاقتنا مع الدول العربية كافة تاريخية ومهمة ولا نسعى بذلك إلى أن نسبب الازعاج لأي جانب». ويشير الوزير التركي بذلك الى اسرائيل التي توترت العلاقات بينها وبين أنقرة منذ الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة شتاء عام 2008. وأضاف أن «هذه العلاقات ليست بديلة لعلاقتنا مع أي جانب»، مشيراً الى أنه «لا نرى هذه العلاقة تنافسية بل تكاملية وتعاونية ونتطلع لأن تكون العلاقات دائمة». وأكد البيان الصادر عن المنتدى أن الدول العربية وتركيا لديها رؤية مشتركة لتحقيق وصون الأمن والاستقرار والرفاه في الشرق الأوسط من أجل تحقيق حل عادل وشامل ودائم للنزاع العربي - الإسرائيلي وفقاً لقرارات الأممالمتحدة ومبدأ الأرض مقابل السلام. وطالب إسرائيل بوقف نشاطاتها الاستيطانية كافة في شكل كامل في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدسالشرقية، ورفع الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني وبخاصة في قطاع غزة. وأكد ضرورة تحقيق المصالحة الفلسطينية في شكل فوري. ورحب بنجاج تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة في لبنان وأعرب عن دعمه لبنان في سعيه للحفاظ على وحدته وسيادته. وشدد على دعم جهود الحكومة العراقية لتحقيق الأمن والاستقرار. وشدد على «أن العلاقات بين دول المنطقة يجب أن تقوم على أساس الاحترام الكامل للسيادة والاستقلال والوحدة الترابية». وأكد البيان أهمية الحفاظ على الوحدة الترابية في اليمن، وطالب كل الدول في المنطقة العمل على تحقيق هذا الهدف، ورحب بدور السعودية في تعزيز الحوار بين الديانات المختلفة وبتعميق التعاون بين تركيا والدول العربية في مجال الطاقة. وأشار إلى عزم المشاركين في المنتدى على تطوير التعاون في مجالات وسائل النقل البري والجوي والبحري بهدف دعم تدفق التجارة بين تركيا ودول الجامعة العربية. وكانت اجتماعات المنتدى العربي - التركي انطلقت في اسطنبول في تشرين الأول (اكتوبر) العام الماضي بهدف إرساء قاعدة للتعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والتعليمية والشعبية والقضايا ذات الاهتمام المشترك.