مكسيكو - أ ف ب - يتلقى خوان كويفاس مدير صحيفة صادرة في جنوبالمكسيك التعليمات التالية على هاتفه الخليوي: «قم ببث الأخبار فحسب، لا نرغب في التحقيقات او الآراء او الافتتاحيات»... اما مصدر هذه الإملاءات التحريرية فأحد مهربي المخدرات الذي يتواصل مع الصحافي عبر رقم مجهول. ويقول خوان: «ما أن يظهر رقم مجهول على الخليوي حتى ندرك ان المتصل ينتمي الى احدى العصابات التي تطالب بعدم نشر الرسائل التي يعلقها أعضاؤها على جثث اعدائهم او الرسائل التي يتركها اعداؤهم على جثث افراد العصابة». ويتولى خوان إدارة صحيفة «ايل ديباتي دي لوس كالنتوروس» التي توزع 3500 نسخة يومياً في مدينة صغيرة يسكنها 35 ألف شخص في منطقة تييرا كالينتي (الارض الحارة). وهذه الصفة مستوحاة أساساً من ارتفاع حرارة الطقس في هذه المنطقة غير انها تعكس كذلك نضالات الفلاحين والميليشيات المسلحة في الماضي، أما اليوم فصارت ترتبط بتصفية الحسابات بين كارتيلات المخدرات التي أودت بحياة 14 ألف شخص في المكسيك منذ نهاية عام 2006. هذا المكان هو أيضاً موطن «لا فاميليا» (العائلة) وهي عصابة باتت من بين الأكثر سطوة في المكسيك وتتخصص في انتاج المخدرات المصنعة. وتحدَّت هذه المنظمة المسلحة الشرطة في تموز (يوليو) الماضي فاغتالت 16 موظفاً فيديرالياً عثر على جثث 12 منهم مكدسة الى جانب الطريق. ويشكل الصحافيون «الضحايا العرضيين» لهذه الحرب الدموية بين الكارتيلات المختلفة للسيطرة على تجارة المخدرات وتصديرها الى الولاياتالمتحدة وهي المستهلكة الرئيسة للكوكايين الذي تنتجه، وتفيد منظمة «مراسلون بلا حدود» بأن 57 صحافياً اغتيلوا واختطف عشرة وفُقد أثرهم منذ عام 2000. وتخشى سكرتيرة التحرير مارفيليا زافاليتا الارقام المجهولة، وتقول: «تصيبني هذه الاتصالات بالتوتر، الى درجة أنني انسى مضمونها، كدت استقيل من وظيفتي بعدما اغتالوا أحد موزعينا».