حفز قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، بتشكيل لجنة عليا لتقصي الحقائق حول «فاجعة جدة»، لتتبع آثار الفساد، التي كشفها سيلٌ، نتج عن أمطار الساعات الست، ذاكرة المسؤولين في أجهزة خدمية عدة، وتحسس كثيرٌ منهم كراسيهم، وبخاصة مع تصاعد المطالب الشعبية ب«محاربة الفساد في مختلف الدوائر والجهات الخدمية». وفي المنطقة الشرقية، استبق مسؤولون «الكوارث المحتملة»، بإصدار مواقف وتصريحات تشبه إلى حد بعيد «إخلاء الطرف»، وأبرزها ما صدر عن مديرية الدفاع المدني، والأمانة، حين تبادل أعلى مسؤولين فيهما «اتهامات»، حملت في طياتها «إلقاء المسؤولية على الآخر». فيما كانت أنظار سكان مدن الشرقية وقراها، تتابع تساقط المطر في الأيام الماضية، وتحذر من الوقوع في حفر من مخلفات المشاريع التي لم تكتمل بعد، أو تغرق سياراتهم في مستنقعات برك المياه في الأحياء، ووجد مدير الدفاع المدني اللواء حامد الجعيد في مستقبل الشرقية المُمطر، «خطراً لن يكون أقل من سيول جدة»، وبخاصة فيما يتعلق بأنفاق شارع الملك فهد بن عبد العزيز في الدمام، التي اعتبرها في تصريح نسب إليه، أنها «فاقدة لعوامل السلامة»، والأكثر أن «أحدها معرض إلى الغرق بالكامل، أو بالانهيار نتيجة ارتفاع كميات الأمطار». تلك التصريحات التي نفاها الجعيد، في وقت لاحق، تلقفها أمين الشرقية المهندس ضيف الله العتيبي، واعتبرها «تأليباً للرأي العام» ضد الأمانة، واتهم في رده الجعيد ب«التنصل من المسؤوليات والواجبات المناطة به، وتغيير الحقائق»، مؤكداً بما لا يدع مجالاً إلى الشك، أن «الوضع الراهن في الأنفاق الثلاثة آمن». وبين دعوة الجعيد، «الأمانة» إلى «أخذ العبرة من فاجعة جدة»، ورد العتيبي عليه ب»التخلي عن مسؤولياته»، حبس المواطنون أنفاسهم ثلاثة أيام، سيطرت فيها أمطار، وصفتها «الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة» ب «المتفرقة والخفيفة»، ولن «تشبه أمطار جدة»، ولم تشبهها، فلم تجر سيولاً كسيل جدة، ولم تُجرف سيارات، حبس فيها راكبوها قتلى، لكن ما حدث أن الأمطار أغلقت طرقاً، وأحالت شوارع في بعض الأحياء إلى مستنقعات تسبح فيها السيارات، وسالت على إثرها «أودية حفر الباطن». واستنفرت مسؤولي بلديات المدن والقرى، الذين أمطروا الأهالي بسيل من التصريحات عن «استعداداتهم»، وفي الوقت ذاته عن «حاجتهم إلى مزيد من الأموال لاستكمال مشاريع» أو «البدء في مشاريع جديدة»، تقي الناس شر السيول وأخطار المطر. وإمعاناً في بث روح الطمأنينة بين «الخائفين من البلل»، تعقد أمانة الشرقية اجتماعات دورية مع الجهات الحكومية ذات العلاقة، ومن بينها «مديرية الدفاع المدني»، التي رأت في الأنفاق «خطر». وتهدف تلك الاجتماعات الدورية إلى «تنسيق وتفعيل خطط موسم الأمطار، ومعالجة المعوقات أولاً بأول، إضافة إلى إيلاء مشاريع تصريف مياه الأمطار، أهمية كبرى في جميع المراحل، بدءاً من التخطيط والتصميم الاستراتيجي والتفصيلي، والتنفيذ وفق المعايير العلمية، وضمان الكفاءة التشغيلية للمشاريع المنفذة منذ 27 عاماً»، أي قبل أن تبنى الأنفاق «الخطرة»، وقبل أن تغرق شوارع المخططات الجديدة في الدمام والقطيف والخبر، وقبل أن يدعم سكان بيوت الصفيح سقوف منازلهم، ويبنوا سداً ترابياً أمام أبواب بيوتهم، سابقين في ذلك عمل أمانة جدة في «تعزيز السد الترابي عند بحيرة المسك».