ارتكزت الاستراتيجية السعودية في مجملها منذ التأسيس وحتى اليوم، على خدمة الأقليات المسلمة في شتى بقاع العالم، دون النظر إلى جغرافية أو طائفة، وهو ما يبدو واضحاً في قراراتها التي تتخذها لنصرة المسلمين عبر المحافل والمؤتمرات الدولية، ورفع الظلم الذي قد يقع عليهم نتيجة وجودهم كأقليات في مجتمعات تشهد أحياناً تطرفاً من جماعات أو منظمات ضد المسلمين. وأوضح مستشار رئيس الوزراء الكمبودي عثمان حسن أن الدعم السعودي لهذه الأقليات، من شأنه «تحقيق خدمة الإسلام والنهوض بالمسلمين في أنحاء العالم»، معرباً عن تقدير بلاده للجهود السعودية في دعم مناشط الأقليات المسلمة في العالم، ومثمناً خلال لقائه في العاصمة الكمبودية بنوم بنه أمس (الخميس) - بحسب وكالة الأنباء السعودية - الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبدالله التركي، بالدور الذي تقوم به الرياض في هذا الجانب. من جهته، نوه التركي خلال اللقاء بدعم حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، لبرامج الرابطة ومؤتمراتها، فيما نوه عدد من الخبراء ورؤساء الهيئات والمراكز الإسلامية والأكاديميين في سلوفينيا، والبوسنة والهرسك أمس، بما قدمته وتقدمه حكومة المملكة وقيادتها لخدمة الإسلام والأمة الإسلامية. وقال مدير المؤسسة طارق أرمين جعفرووتش، ونائبه سيف الله أرفين جعفرووتش، في سلوفينيا، في خطاب إلى المشرف على برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة والزيارة في وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد عبدالله المدلج أمس: «إن مكان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ومكان الشعب السعودي في قلوب المسلمين مميز دائماً، فعندما نحتاج إلى المساعدة ننظر إليكم، وعندما نحتاج العلم نسمع علماءكم لأنهم علماؤنا، ونشكركم على تحمل أعباء المسؤولية تجاه القضية اليمنية الحالية»، مؤكداً أن ما قامت به المملكة هو دفاع مشروع صاحبه اجتماع إسلامي لإعادة الشرعية لليمن وأهله. وقال: «نحن ضيوف خادم الحرمين الشريفين للحج من سلوفينيا، نشكر الملك سلمان بن عبدالعزيز، على سعيه ودعمه المتواصل لنا في سلوفينيا قديماً وحديثاً، ونسأل الله أن يديم على السعودية أمنها ورخائها، كما نسأله تعالى أن يفرغ عليكم صبراً ويثبت أقدامكم، وينصركم». ورفع أستاذ التفسير والأنتربولوجيا القرآنية في جامعة زنيتسا بالبوسنة والهرسك عضو مجلس الأمناء في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الأستاذ الدكنور صفوت مصطفى خليلوفيتش، والمفكر والكاتب الإسلامي في سراييفو الأستاذ الدكتور جمال الدين لاتيتش، وأستاذ الحديث وعلومه في جامعة زنيتسا بالبوسنة ولهرسك الأستاذ الدكتور شفيق كرديتش، وأستاذ الفكر الإسلامي في جامعة بيهاتش غربي البوسنة والهرسك الأستاذ الدكتور عزت ترزيتش، الشكر إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، لتحمله أعباء المسؤولية تجاه القضية اليمنية الحالية، مشيدين بسعي المملكة الدائم إلى إبعاد الاضطرابات عن المنطقة. فيما أشار تقرير - بحسب موقع قاعد معلومات الملك خالد بن عبدالعزيز- على شبكة الإنترنت، إلى أن السعودية لم تدخر جهداً للاهتمام بالمسلمين حيثما كانوا، ولم تغفل عن المسلمين في شتى بقاع العالم، فكانت السعودية متبنية لتلك الاقليات المسلمة ومشكلاتها. واضاف التقرير أن «للدولة السعودية جهوداً في دعم الأقليات الإسلامية المنتشرة في العالم، يمكن إجمالها في المظاهر الآتية: إقامة المراكز والمعاهد التعليمية الإسلامية. تأسيس الهيئات والمنظمات الإسلامية»، مشيراً إلى أن السعودية «أولت المراكز والمعاهد والجامعات الإسلامية في بلاد الأقليات الإسلامية اهتماماً كبيراً، لأنها من أهم الوسائل في نشر الثقافة الإسلامية واللغة العربية، فسعت إلى إنشائها وأنفقت الملايين من الدولارات في سبيل تحقيق هذه الغاية». ... وتنشئ معاهد ومراكز إسلامية في آسيا وأوروبا وأستراليا وأوضح أن «السعودية أقامت على سبيل المثال لا الحصر في جنوب آسيا وأستراليا المراكز والمعاهد الإسلامية بدعم مادي سخي، ففي اليابان افتتح المعهد الإسلامي العربي في طوكيو التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في 1981، وتولت الحكومة السعودية إنشاءه لتحقيق جملة من الأهداف منها: التعريف بالإسلام ومساعدة الراغبين في الاطلاع على الثقافة الإسلامية، ونشر اللغة العربية وتعليمها لغير الناطقين بها، وبذل الرعاية للمسلمين من أهل اليابان وتلبية الحاجات الدينية والثقافية لهم وللمسلمين المقيمين هناك». وفي كوريا الجنوبية، أسهمت السعودية في إنشاء بعض المدارس والجامعات فيها، وزار وفد سعودي مبكراً (1977) مسلمي كوريا الجنوبية، واقترح الوفد عقب الزيارة بناء مدرسة إسلامية لتعليم أبناء المسلمين الكوريين، وتبرع لهذا المشروع الملك فهد بن عبدالعزيز، يرحمه الله بمبلغ 25 ألف دولار كمنحة سنوية ترسل إلى الاتحاد الإسلامي الكوري الأقليات الإسلامية في آسيا وأستراليا. وعندما زار الأمير نايف بن عبدالعزيز كوريا الجنوبية في 1977، طلب من الحكومة الكورية الجنوبية منح المسلمين قطعة أرض لإقامة الجامعة الإسلامية، وتم ذلك وتعاونت الحكومة الكورية مع الاتحاد الإسلامي الكوري في إنشاء الجامعة، كما قدمت حكومة المملكة المساعدات اللازمة لإقامة هذه الجامعة، وتكونت لجنة من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لكي تقدم المعونات الفنية اللازمة لنجاح الجامعة في أداء مهامها. وفي أستراليا التي يعيش فيها حوالى 280 ألف مسلم، تظهر جهود الدولة السعودية في إنشاء المراكز والمدارس الإسلامية فيها، فأمر الملك خالد بن عبدالعزيز -رحمه الله- بصرف مليون دولار مساعدة منه للمسلمين بأستراليا، وخصص هذا المبلغ للإسهام في بناء المدارس الإسلامية بأستراليا. وفي 1984، تبرع الملك فهد بن عبدالعزيز، يرحمه الله، بمبلغ مليون دولار لدعم الأنشطة الإسلامية في أستراليا، وقد خصص المبلغ لبناء مدرستين إسلاميتين في مدينتي سدني وملبورن. وفي العام 1992، قام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، (الأمير آنذاك) بافتتاح المركز الثقافي الإسلامي في مدريد بإسبانيا، وهو من أكبر المراكز الإسلامية في العالم، بحضور ملك إسبانيا السابق خوان كارلوس. ويخدم المركز الجالية المسلمة في المنطقة، وألحق به مدرسة إسلامية تشمل المراحل التمهيدية والابتدائية والمتوسطة، كما يوجد بالمركز معمل للغات، وقاعة كبيرة للمحاضرات والندوات. وفي 2009 استضافت المملكة تحت رعاية الملك عبدالله بن عبدالعزيز، يرحمه الله، المؤتمر العالمي الأول عن جهود المملكة في خدمة القضايا الإسلامية ومن بينها بحث مشكلات الأقليات في العالم الإسلامي.