أبدت الحكومة المغربية استغرابها حيال أنباء ترددت عن سماحها للناشطة أمينة (أميناتو) حيدر بالعودة إلى العيون، كبرى مدن المحافظات الصحراوية. وجاء في بيان لوزارة الخارجية المغربية، رداً على أنباء صدرت من إسبانيا بهذا الصدد، إن «ما يزيد في الاستغراب أن الموقف المشروع والمعلل للمملكة المغربية بهذا الخصوص معروف تماماً ولا يمكن تغييره بأي حال من الأحوال»، في إشارة إلى كون السلطات المغربية رفضت دخول الناشطة حيدر بعد تخلّيها عن جنسيتها المغربية وجواز سفرها المغربي. وتدخلت حكومة مدريد مرات عدة من أجل السماح بعودتها على متن طائرة مجهزة بمعدات طبية من جزيرة لانثاروتي (جزر الكناري)، بعدما رفضت حيدر قبول الجنسية الإسبانية أو اللجوء إلى مدريد. وصدر بيان الخارجية لتأكيد رفض السلطات المغربية الإذعان إلى ضغوط تهدف إلى إيجاد مخرج للمأزق الذي تواجهه حكومة مدريد بعدما نحت أوساط معارضة إلى استخدام ورقة حيدر في صراعات داخلية. وكان وفد حزبي مغربي يقوده رئيس مجلس المستشارين الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة محمد الشيخ بيد الله زار مدريد قبل يومين، واجتمع إلى مسؤولين في الحزب الاشتراكي الحاكم والحزب الشعبي المعارض لدرس آخر تطورات قضية الصحراء. واعتبر بيد الله المتحدر من أصول صحراوية أن تحركات بعض الناشطين الموالين لجبهة «بوليساريو»، تهدف إلى «تقويض المفاوضات المرتقبة»، فيما أكد مسؤولون إسبان «متانة العلاقات المميزة بين البلدين الجارين». ونقل شهود في مطار لانثاروتي في جزر الكناري أن الناشطة حيدر التي علّقت إضرابها عن الطعام، نُقلت على متن طائرة كانت تعتزم التوجه إلى العيون، لكن رحلتها أُلغيت بسبب رفض السلطات المغربية منحها ترخيصاً بدخول الأجواء المغربية، ما يعني - وفق ما قالت مصادر ديبلوماسية - أن حرباً نفسية تدور حول تداعيات الملف الذي تدحرج مثل كرة ثلج، وبات يهدد مستقبل مفاوضات الصحراء برعاية الأممالمتحدة. إلى ذلك، رأت مصادر في معاودة استئناف الزيارات المتبادلة بين الصحراويين المقيمين في المحافظات الواقعة تحت نفوذ المغرب والمنتمين الى جبهة «بوليساريو» في مخيمات تندوف (الجزائر)، إشارة إلى حرص المفوضية السامية للاجئين على الطابع الإنساني لعملياتها. وشارك في الرحلة الجديدة نحو مئة شخص من الجانبين، فيما بلغ عدد المستفيدين من تبادل الزيارات منذ بدئها عام 2004 أكثر من تسعة آلاف شخص. وتعوّل الأممالمتحدة على تفعيل أجندة الزيارات المتبادلة عبر رحلات برّية (اقتصرت على رحلات جوية حتى الآن)، إلا أن ذلك لم يحدث بعد، بخاصة في ظل أجواء التوتر السائدة. ورجّحت المصادر أن يبادر المغرب إلى طلب إحصاء السكان المتحدرين من أصول صحراوية المقيمين في مخيمات تندوف، وإن كانت أوساط مفوضية اللاجئين عرضت الصعوبات التي يواجهها ذلك. ودعت الرباط إلى ترحيل أولئك السكان من تندوف، عبر عودة طوعية إلى المحافظات الصحراوية، أو دمجهم في الجزائر، أو اختيار بلد ثالث لإيوائهم، في انتظار إيجاد حل لوضعهم. ونظّم حزب الأصالة والمعاصرة الذي أسسه الوزير السابق المنتدب في الداخلية فؤاد عالي الهمة أمس تجمعاً خطابياً في العيون في حضور زعماء وشيوخ قبائل صحراوية للبحث في تطورات الموقف. وقللت أوساط من تداعيات قضية الناشطة حيدر على آفاق العلاقات المغربية - الإسبانية، وقالت إن حلّها يمكن أن يأتي من خارج المغرب وإسبانيا.