قلّل محللون ماليون من التأثيرات السلبية ل«عاصفة الحزم» في اليمن على سوق الأسهم السعودية، مشيرين إلى أن السوق تمر بحال من التذبذب صعوداً وهبوطاً منذ بدء العمليات العسكرية، التي تشنها قوات التحالف ضد المتمردين الحوثيين. وأشاروا في حديثهم ل«الحياة» إلى أن انخفاض سوق الأسهم خلال الفترة الحالية أمر وارد، لأن الأسواق المالية تتأثر بشكل مباشر بالأحداث السياسية عموماً، وبالحروب والضربات العسكرية خصوصاً، موضحين أن التصريحات التي تصدر من وزارة الدفاع السعودية حول سير العمليات العسكرية في اليمن بعثت الطمأنينة في نفوس المستثمرين. ولفتوا إلى وجود عوامل أخرى ستسهم في توجه حركة السوق وقيمة مؤشر التداول، منها قرب دخول المستثمرين الأجانب، إضافة إلى بدء إعلان الشركات نتائج الربع الأول خلال شهر نيسان (أبريل) الجاري. ووصف المحلل المالي تركي فدعق ما حدث بسوق الأسهم السعودية بأنه أمر طبيعي، فعملية عاصفة الحزم تعد حرباً إقليمية، وهنالك ارتباط مباشر بين الأحداث السياسية والاقتصاد، خصوصاً الأسواق المالية. وقال: «انخفضت سوق الأسهم بشكل حاد يوم الأربعاء الذي سبق انطلاق عاصفة الحزم بنحو 5 في المئة، كما هبط مؤشر السوق بشكل كبير بنحو 5 في المئة أيضاً في بداية تداولات يوم الخميس كرد فعل سلبي على بدء الحرب نتيجة لشعور المستثمرين بعدم الأمان، وهو رد فعل أولي مع بدء الضربات، غير أن مؤشر السوق عكس اتجاهه خلال الجلسة يوم الخميس ليغلق مرتفعاً ب35 نقطة». وأضاف: «اتسمت تعاملات سوق الأسهم مطلع هذا الأسبوع بالاستقرار، وانعكس ذلك على قيمة المؤشر الذي سجل ارتفاعاً ملحوظاً في جلسة أول يوم الأحد وإغلاق عند 9.105 نقطة، إذا اتضح للمستثمرين استقرار الأوضاع الأمنية ومحدودية تأثير الضربات العسكرية في الاقتصاد المحلي، إضافة إلى النتائج الإيجابية والتقدم الملحوظ في الضربات العسكرية لصالح قوات التحالف». وتوقع فدعق أن يستمر ارتفاع مؤشر سوق الأسهم السعودية، إذا استمرت الأوضاع السياسية كما هي عليه الآن، مشيراً إلى أن الأيام المقبلة ستشهد إعلان نتائج الربع الأول، وهذا سيكون له أثر مباشر في مؤشر السوق، إذ سيتأثر بشكل مباشر بالنتائج، وسيستمر ذلك إلى 20 أبريل وهو آخر يوم في موسم إعلان نتائج الشركات المدرجة بالسوق. واتفق معه المحلل المالي عبدالحميد العمري الذي أكد أن الأزمات السياسية والحربية لها أثر مباشر في الأسواق المالية والأنشطة الاقتصادية عموماً، وقال: «إن ما حدث آخر الأسبوع الماضي من انخفاض حاد في قيمة المؤشر يرجع إلى انطلاق «عاصفة الحزم»، إلا أن تصريحات المسؤولين في وزارة الدفاع أثرت بشكل مباشر في حركة المؤشر وعاد للارتفاع في نهاية جلسة الأسبوع الماضي، وواصل صعوده بداية تعاملات هذا الأسبوع». وتابع: «ما يحدث على أرض المعركة بين قوات التحالف والحوثيين سيكون له أثر مباشر في قيمة مؤشر الأسهم»، مشيراً إلى أن السوق حققت ارتفاعاً ملحوظاً مع بداية العام الحالي بسبب توزيعات الشركات المدرجة لأرباحها، التي تقدر ب59 بليون ريال، أي ما يقارب 5 في المئة من قيمة السوق، وهذا أمر مغرٍ للمستثمرين، وأسهم في الحركة الإيجابية لمؤشر السوق خلال الأشهر الثلاثة الماضية». وزاد: «بدء الضربات العسكرية كان متزامناً مع انتهاء فترة توزيعات الأرباح على المستثمرين، وهما عاملان قويان أسهما في انخفاض المؤشر كما حدث في بداية جلسة يوم الخميس الماضي قبل أن يعكس المؤشر اتجاهه ويرتد صعوداً». غير أنه استدرك قائلاً: «هنالك عامل آخر سيكون له أثر في المؤشر بشكل مباشر وهو دخول المستثمرين الأجانب للسوق خلال النصف الأول من هذا العام، ومن المتوقع أن ينعكس دخولهم إيجابياً على حركة السوق والمؤشر». ولفت إلى محدودية ثأثير انخفاض قيمة مؤشر قطاع البتروكيماويات على السوق بسبب دخول عدد كبير من الشركات لسوق الأسهم، إضافة إلى الأداء العالي للقطاع المالي، الذي أصبح أكثر جذباً للمستثمرين، وقال: «ارتفاع معدلات الشفافية في أداء القطاع المالي والمصرفي، إضافة إلى الرقابة الصارمة من مؤسسة النقد لعمل القطاع، الأرباح العالية جعلت منه العنصر الأكثر جذباً للمستثمرين في السوق». لكن المحلل المالي عبدالله البراك اختلف مع العمري، مؤكداً أن قطاع البتروكيماويات يعد القطاع الأكبر داخل السوق المالية ويمثل 33 في المئة من إجمالي السوق، وأداؤه له أثر مباشر في قيمة مؤشر التدوال داخل سوق الأسهم السعودية. وقال: «إذا استمرت أسعار النفط في الهبوط دون 60 دولاراً سيكون هنالك انعكاس سلبي على أداء شركات البتروكيماويات، وهذا سينعكس بشكل مباشر في القيمة الإجمالية لمؤشر سوق الأسهم خلال الفترة المقبلة»، مشيراً إلى أن هناك إحجاماً في تداول أسهم قطاع البتروكيماويات وهو أمر غير طبيعي وأسهم بشكل سلبي في أداء سوق الأسهم، خصوصاً مع انخفاض أسعار النفط. ونوّه بأن ثأثير العمليات العسكرية «عاصفة الحزم» على سوق الأسهم استمر يوماً واحداً فقط، وهو أمر طبيعي فالأحداث السياسية تؤثر بشكل مباشر في الأسواق المالية عالمياً. وأوضح أن «تصريحات المسؤولين والتطورات على أرض المعركة التي كانت في مصلحة قوات التحالف قللت من تأثر السوق السعودية بعاصفة الحزم». ورأى البراك أن مواقع التواصل الاجتماعي لعبت هي الأخرى دوراً في عدم استمرار هبوط المؤشر، إذ عمل كبار المستثمرين في السوق على بث رسائل طمأنينة للمستثمرين في السوق عبر مواقع التواصل الاجتماعي.