حذر خبراء أمنيون من «الهدوء» الذي ينتاب تنظيم «داعش» الإرهابي منذ انطلاقة «عاصفة الحزم»، لافتين إلى تعمد «داعش» الوقوف «متفرجاً» على ما يدور من أحداث أمنية «ساخنة» تشهدها الساحة العربية عامة، والخليجية على وجه الخصوص، مؤكدين أهمية أخذ الحيطة والحذر مما يقوم به «داعش» من تكتيك فكري ومخططات غير معلنة. وقال عضو لجنة السياسة الخارجية في مجلس الشورى السعودي الدكتور صدقة فاضل ل«الحياة»: «هدوء تنظيم داعش لا يدعو إلى الاطمئنان مستقبلاً»، مستشهداً ببيت أبوالطيب المتنبي: «بِذا قَضَتِ الأَيّامُ ما بَينَ أَهلِها مَصائِبُ قَومٍ عِندَ قَومٍ فَوائِدُ»، مضيفاً أن «ما كان يحدث من أحداث في اليمن قبل عاصفة الحزم كان خطراً على المنطقة، إلا أنني أرى أن داعش هي الأكثر خطورة». وذكر صدقة أن «الحرب في اليمن أبعدت الأنظار عما يجري في العراق وسورية وما يهدد دول العالم من إرهاب داعش، فانشغل العالم في عاصفة الحزم، علماً بأن داعش يحتل مساحة كبيرة من بعض البلدان العربية، وخطورته أشد وأقوى لأنها تهدد دول الجوار. وأرى بحسب ما يحدث على الساحة أنه سرعان ما ستعود الأنظار تتجه إلى داعش لما يخفيه من خطط إرهابية». بدوره، رأى الباحث في الشؤون الأمنية والقضايا الفكرية ومكافحة الإرهاب والأمن الإلكتروني الدكتور محمد الهدلاء، أن «عاصفة الحزم» التي تقودها السعودية في اليمن، «أرهبت تنظيم داعش، الذي يبحث دائماً عن الأوضاع غير المستقرة، ليستغلها في عمليات تمدده وانتشاره»، لافتاً إلى أن «عاصفة الحزم» لن تصبَّ في مصلحة «داعش» كما زعم الكثيرون، «فتلك المهمة العربية لم تهدف للتخلص من الجماعات الحوثية الإرهابية في اليمن وحسب، بل انطلقت لتستمر في قطف أصول الإرهاب من البلدان العربية برمتها». وقال الهدلاء ل«الحياة»: «عاصفة الحزم إذا نجحت في القضاء على الحوثيين، وهذا هو المتوقع، ستتجه بعد ذلك إلى محاربة تنظيم داعش، وبقية التنظيمات الإرهابية التي انتشرت في البلدان العربية. وعلى التنظيم الداعشي أن يخشى تلك المواجهة المحتملة، التي لن تصبّ في مصلحته»، مشيراً إلى ما يردده إعلام «داعش»، وخصوصاً فرعه في اليمن، من خلال خطابه ومدوناته التي تقول إنه يحارب الحوثيين. وقال: «هذا كلام غير صحيح، والهدف هو الكسب الإعلامي، فهم حتى الآن لم يقدموا أي عمل يبيّن حقيقة موقفهم. وكل الخوف والرعب الذي يسيطر عليهم ألا يكونوا هدفاً لقوات التحالف العربي، بعد الفراغ من الحوثيين، وهذا هو المتوقع». وأكد أن الحرب على الإرهاب والمنظمات الإرهابية «مستمرة ولن تتوقف، ولا فرق بين داعش والحوثيين والقاعدة، فكلهم أهداف لقوات التحالف في المستقبل، ونحن لن نتخلص من الحوثيين في اليمن لنسلّم هذا البلد للقاعدة أو داعش. وستُعيد قوات التحالف اليمن السعيد لحكومته الشرعية وشعبه، بعد أن يتم تطهيره من كل المنظمات الإرهابية، وجميع الدول التي تتصارع على أرضه». واعتبر صمت «القاعدة» و«داعش» عما يحدث في اليمن الآن «ترقباً وتوجساً وخوفاً من موقف دول التحالف بعد الفراغ من الحوثيين». من جهته، قال المحلل السياسي البحريني إبراهيم العقيلي ل«الحياة»: «جملة تحذيرات يجب أن تبقى في الاعتبار، أهمها الوعي الشامل، بأن داعش تنظيم إرهابي، يقف الآن موقف المتفرج على الساحة. وربما يوجه ضربات غير متوقعة في أي وقت، ولأي موقع جغرافي، سواءً أكان في المنطقة العربية بشكل عام، أم الخليج على وجه الخصوص». وأشار العقيلي إلى حلقات نقاش شارك فيها خبراء أمنيون وديبلوماسيون، توصلت إلى أن «سبب إغلاق السفارة الأميركية في السعودية هو تهديدات أمنية من تنظيم داعش»، مؤكداً أن «التكثيف والوعي الأمني بحاجة إلى تغذية وجرعات إضافية، فالخليج في حال من عدم الاستقرار، والتصادم أو الحرب مع الحوثيين الإرهابيين من جهة، والتصدي لمخططات داعش الإرهابية من جهة أخرى، يجب أن يسيرا بالتوازي، ومن هذا المنطلق جاء التحالف العربي - الخليجي الذي سيسهم في تحصين المنطقة من الهجمات الخارجية، وما يحدث حالياً هو زيادة التكثيف الأمني على المواقع الاستراتيجية، سواءً أكانت في البحرين، أم الإمارات، أم الكويت، أم السعودية».