تراجع إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر للشركات المتعددة الجنسية في 2014، ثمانية في المئة إلى نحو 1.3 تريليون دولار، مقارنة بعام 2013، حين تجاوز 1.4 تريليون دولار. وعزا مسؤولون في تقرير صدر أمس خلال «ملتقى الاستثمار السنوي» في الإمارات، والذي حضره 67 وزير اقتصاد وعدد من الهيئات الدولية وممثلون من أكثر من 500 مؤسسة استثمارية من 140 دولة، تراجع تدفق الاستثمارات في العالم إلى الضبابية التي تخيم على الاقتصاد الدولي في ظل تراجع أسعار النفط أكثر من 60 في المئة منذ منتصف العام الماضي، وتذبذب أسعار العملات، ما ساهم في إعادة رسم خارطة الاستثمار في العالم. وقال وزير الاقتصاد الإماراتي سلطان المنصوري خلال افتتاح المنتدى: «على رغم التحديات التي واجهها الاقتصاد العالمي، إلا أن معدل نموه يرتفع في شكل معتدل، إذ يُتوقع أن يسجل 3.5 في المئة هذه السنة مقارنة ب3.3 في المئة عام 2014، ويُرجح أن يستمر هذا النمو المعتدل عام 2016». وتوقع التقرير «ارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في العالم، على رغم هشاشة منطقة اليورو وتراجع أسعار السلع الأساس التي قد تضعف تلك التدفقات». ولفت إلى أن «عام 2014 شهد إعاقة في انتعاش تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة العالمية، بعدما هوت من أعلى مستوياتها على الإطلاق عند 1.9 تريليون دولار عام 2007، إلى 1.2 تريليون عام 2009، بسبب الأزمة المالية العالمية، قبل أن يبدأ التعافي». وأشار التقرير إلى أن «عمليات الدمج والتملك عبر الحدود تؤثر في تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر، إذ إنها مصدر رئيس لاستثمارات الشركات في الأسواق الخارجية، وذلك في الدول المتقدمة أكثر من الدول الناشئة». وأكد المشاركون في الملتقى أن «المتغيرات التي شهدها قطاع الاستثمار الأجنبي المباشر تتمثل في زيادة حصة الدول الناشئة من إجمالي هذه الاستثمارات، إذ باتت تشكل نحو 40 في المئة من الإجمالي، أي 553 بليون دولار». وقال المنصوري «الاقتصاد الإماراتي ينمو على رغم تراجع أسعار النفط، بفضل السياسات الناجحة التي اتبعتها الدولة في تنويع مصادر الدخل، ليصل إجمالي الدخل القومي إلى 400 بليون دولار، في حين تجاوز إجمالي الاستثمار الأجنبي حاجز 100 بليون، ثمانية بلايين منها العام الماضي، ويُتوقع أن يرتفع إلى 13 بليوناً خلال العام الحالي». وأشار إلى أن «الإمارات تسعى دائماً إلى إعداد بيئة استثمارية جاذبة، إذ أنجزت صوغ قانون الاستثمار الأجنبي الذي يتيح لأصحاب الشركات الأجنبية تملك 100 في المئة من شركاتهم، إضافة إلى تعديل قوانين أخرى، بينها قانون التحكيم التجاري». أما المملكة العربية السعودية، التي حضرت بكثافة في الملتقى بصفتها «ضيفة شرف»، فجددت دعوتها للمستثمرين لاستغلال الفرص الاستثمارية المتعددة في المملكة، والبيئة الاقتصادية المتنامية والداعمة للاستثمارات، في ظل تطبيق خطة الاستثمار الموحدة، وبرامج استثمارية متنوعة في كل القطاعات. وقال الرئيس التنفيذي لأنظمة الاستثمار وسياساتها في «الهيئة العامة للاستثمار» الأمير سعود بن خالد الفيصل خلال الملتقى، إن «المملكة تنعم باستقرار سياسي واقتصادي فريدين، وفرص استثمارية مجزية للمستثمرين في عدد من القطاعات والمناطق الواعدة، وترحب باستثمارات الشركات الرائدة التي تساهم في نقل التقنية وتعزيز الابتكار، وإيجاد فرص عمل، إلى جانب تدريب (الشباب من الجنسين وتأهيلهم) بما يتيح تنويع الاقتصاد الوطني». وأشار إلى أن «المملكة تحتل المركز الثالث عالمياً في مؤشر دفع الضرائب، وفقاً لتقرير البنك الدولي عن سهولة أداء الأعمال لعام 2014، كما يتمتع المستثمرون بكثير من الحوافز مثل تمويل صندوق التنمية الصناعي للمشاريع الصناعية بما يصل إلى 50 في المئة من كلفة المشروع، ترتفع إلى 75 في المئة في المناطق الواعدة، مع فترة تسديد تصل إلى 20 سنة، في حين يصل القرض إلى 240 مليون دولار، ويرتفع إلى 320 مليوناً في المناطق الواعدة». وقال «إجمالي الناتج المحلي للمملكة بلغ العام الماضي 752 بليون دولار، وانخفض الدَين العام إلى أقل من اثنين في المئة من الناتج، كما بلغ إجمالي أرصدة الاستثمار الأجنبي المباشر نحو 208 بلايين دولار، واحتلت المملكة المركز الرابع عالمياً لجهة قوة الاقتصاد الكلي، وفقاً لتقرير التنافسية الدولي». ولفت إلى أن «الإنفاق الحكومي العام ارتفع إلى نحو 300 بليون دولار عام 2014، ومن الطبيعي أن يرتبط ذلك بنشاط اقتصادي ضخم وفرص استثمارية كبرى». وتعد المملكة خطة استثمار موحدة لتأسيس كيانات استثمارية لتحقيق تنمية مستدامة، بالتعاون بين الهيئة العامة للاستثمار والجهات الحكومية ذات العلاقة. ويتلخص هذا التوجه بإعداد خطة موحدة للاستثمار لكل قطاع استثماري تحدد فيه آليات ومعايير لإحلال الواردات وتمكين الاستثمارات لجعل هذه القطاعات ذات تنافسية عالمية ورافداً للاقتصاد. وأكد سعود بن خالد أن «دول الخليج أزالت كثيراً من القيود والتدابير التي تحد من تدفق الاستثمارات والتجارة البينية. ففي الرياض مثلاً لا نجد تمييزاً بين رؤوس الأموال أو الأشخاص القادمين من جدة أو من دبي أو عاصمة خليجية أخرى، ولذلك تنشط الحركة التجارية وتتكامل سلاسل القيم المضافة بين دول المنطقة بما يساهم في دعم النمو وزيادة التوظيف وتحقيق التنوع الاقتصادي». وأضاف: «أصبحت الإمارات اليوم من أبرز شركائنا التجاريين في المنطقة، إذ تجاوز التبادل التجاري بين البلدين 19 بليون دولار العام الماضي، أي نصف قيمة التبادل التجاري بين دول مجلس التعاون. وفي المقابل نجد أن الاستثمارات السعودية في الإمارات بلغت نحو 10 بلايين دولار عبر أكثر من 2360 شركة، كما تتصدر الإمارات قائمة الدول المستثمرة في المملكة بما قيمته تسعة بلايين دولار في قطاعات أبرزها الصناعة والخدمات».