ألقت فاجعة جدة بظلالها على الكثير من الجوانب الحياتية في جدة. وتبدلت صنائع وتغيرت سجايا «الجداويين» بعد تلك الأزمة في كثير من الجوانب والأنحاء. فحتى الأمس القريب كان التكهن بتتبع سكان العروس حال الطقس ومعرفة آخر مستجدات المناخ يعد ضرباً من ضروب الخيال، وطرقاً من طرق «الجنون». أما اليوم فالحال لم يعد كسابقه، إذ ولدت انعكاسات تلك المأساة سيلاً يضم مئات المكالمات الهاتفية المنهمرة صوب «سنترال» مصلحة الأرصاد بشكل يومي، يتساءل أصحابها عن أحوال الطقس وآخر مستجداته، ووقت وكمية ومكان الأمطار المتوقع هطولها قريباً. وكشف مدير التحرير والتوقعات في مصلحة الأرصاد شاهر أبو حميد أن الاتصالات بدأت بهذا الكم الهائل منذ هطول الأمطار والسيول التي شهدتها محافظة جدة في الثامن من شهر ذي الحجة الجاري، «وتتواصل على مدار ال 24 ساعة، ما دفعنا إلى تجنيد فريق من الموظفين يعملون في ثلاث ورديات، للرد على استفسارات المواطنين، الذين حذرناهم منذ أيام عدة بعد أن تنامت مساحة الوعي لدى الكثيرين منهم، باحتمالية هطول الأمطار أمس واليوم، وطالبناهم بالابتعاد عن الأودية ومواقع جريان السيول». أحوال الطقس وتنبؤات هطول الأمطار التي تصدرت معظم المجالس «الجداوية» وتناقلها الأهالي هنا عبر رسائل الجوال، أصبحت الشغل الشاغل لكل سكان العروس، ليس لرغبتهم في الاستمتاع بتلك الأجواء النادرة على المحافظة الساحلية، والخروج إلى شواطئ البحر التي عادة ما تكتظ بالمتنزهين في مثل هذه الفترة من العام، إلا أن حالهم اختلف هذه المرة، فهم يتابعون النشرات الجوية وتنبؤات الأمطار لأخذ الحيطة والحذر وعدم الخروج من المنازل درءاً لتكرار مآسي «الأربعاء الأسود». ولم تكتف تلك الأسر بالبقاء في المنازل ومنع أبنائها من الخروج منه فحسب، بل لجأ معظمها إلى الطوابق العليا من البنايات السكنية، حتى إن بعض سكان الشقق والمنازل الأرضية طلبوا من جيرانهم في الأدوار المرتفعة استقبالهم في حال هطول الأمطار. في الوقت الذي لم تغب فيه عن مخيلتهم مناظر الجثث التي تقاذفتها سيول أربعاء جدة. ولم تحل أمية المواطنة سعيدة الأهدل دون انخراطها في موجة الخطر «المنتظر»، إذ أجبرها تلاقي هاجس احتمالية انهيار بحيرة المسك في حال هطول المزيد من الأمطار الغزيرة مع تحذيرات الأرصاد الجوية التي تنبأت بهطول الأمطار في عطلة نهاية هذا الأسبوع، على هجر منزلها الذي يبعد كيلو مترات قليلة غرب طريق الحرمين واصطحاب أبنائها إلى منزل والدها في أحد الأحياء البعيدة عن شرق جدة «الخطر».