تزداد شقّة الخلاف بين رئيس الحكومة الإيطالية سيلفيو بيرلوسكوني وأكبر حلفائه في الحكم رئيس مجلس النواب جانفرانكو فيني. وتصاعد التوتّر في الساعات الأخيرة بعد تسريب مصوّر لحديث خاص بين فيني والقاضي الجنوبي نيكولا تريفووجّي انتقد فيه رئيس المجلس «طريقة فهم بيرلوسكوني لمفردات الحكم والعلاقة مع الحلفاء والقضاء ومؤسسات الدولة الدستورية». وفي مناسبة أقيمت لإحياء ذكرى القضاة الصقليين الذين اغتالتهم المافيا، همس فيني في أذن القاضي بأن «الرجل (بيرلوسكوني) يخلط ما بين الشرعية ومقدار الأصوات التي يحصل عليها في الانتخابات، وما بين الحق في الحكم والحصانة المطلقة أمام القضاء». وورد في التسجيلات التي بثها موقع صحيفة «لا ريببليكا» اليومية المعروفة بمناهضتها لبيرلوسكوني، قول فيني للقاضي تريفووجّي إنه حذّر بيرلوسكوني في حوار خاص ومغلق من «مغبة تصوّر نفسه ملكاً مطلق الصلاحيات». وطالبت قيادة حزب «منزل الحريات» الذي يتزعّمه بيرلوسكوني ويُعتبر فيني الشخصية الثانية فيه، رئيس مجلس النواب ب «الاعتذار عمّا أسرّ به إلى القاضي» تريفووجّي، فيما صدرت الصحف أمس بعناوين كبيرة تشير إلى غضب بيرلوسكوني الجامح من فيني، إلى درجة مطالبته بالاستقالة من منصبه كرئيس لمجلس النواب باعتبار أنه يتولى ذلك المنصب كمرشّح للغالبية التي يتزعّمها بيرلوسكوني. يذكر أن أجواء العلاقات بين بيرلوسكوني وفيني تلبّدت بعد أسقاط المحكمة الدستورية لقانون «آلفانو» الذي عُدّ «غير دستوري لمخالفته مبدأ مساواة جميع المواطنين أمام القانون والقضاء»، وبعد إصرار بيرلوسكوني على إقرار قانون آخر يُتيح له التخلّص من المساءلة القانونية في أكثر من ملف قضائي. تضاف إلى ذلك انتقادات فيني، غير المباشرة، إلى رئيس الحكومة حول التعامل الفوقي مع البرلمان والموقف من المؤسسات الدستورية واستقلالية القضاء والمحكمة الدستورية ورئاسة الجمهورية. ولدى تعليقه على تصريحات فيني، قال بيرلوسكوني ان فيني «وضع نفسه عملياً خارج الحزب». واعتبر ما صدر عنه «مرفوضاً» وأنه «يشعر بالقرف». وأبدى استغرابه الشديد إزاء «الطريقة السطحية التي كان يتحدث فيها (فيني) عن رئيس الحكومة مع قاض تعرّف عليه للتو». ودعا بيرلوسكوني إلى اجتماع منسقّي قيادة الحزب، مستثنياً منهم النائب إيتالو بوكّينو المعروف بولائه لرئيس مجلس النواب. يذكر أن محكمة ميلانو ستبدأ يوم غد استجواب أحد قتلة المافيا «النادمين» حول صلات المافيا مع عالم السياسة وذلك في ملف محاكمات أحد أقرب مساعدي بيرلوسكوني النائب مارتشيللو ديل أوتري الذي كانت محكمة البداءة قضت عليه بالسجن لعشر سنوات لصلته بالمافيا. وفي سياق آخر ستبدأ محكمة أخرى في ميلانو غداً أيضاً مرافعات الاستئناف في ملف حكم المحامي الإنجليزي ديفيد مليز المتهم بحصوله على رشوة بمبلغ 650 ألف دولار من بيرلوسكوني مقابل إدلائه شهادة زور في قضية منتصف الثمانينات. وكان يُفترض أن تستمع المحكمة إلى أقوال بيرلوسكوني نفسه، إلاّ أنه لن يحضر المرافعة ل «انشغاله» باجتماع لمجلس الوزراء. وتشير مصادر إعلامية أن محامي دفاع بيرلوسكوني نيكولو غيديني أصر على تحديد موعد المرافعة في الرابع من هذا الشهر لتوقيتها مع اجتماع الحكومة الذي يُصبح مبرراً قانونياً لإرجاء الجلسة إلى موعد آخر ويُتيح لبيرلوسكوني مزيداً من الوقت ل «ترتيب أمور البيت».