لم تعد «النحافة» عند النساء مشكلة يُعنى بها المتخصصون في عالم الموضة والجمال فقط، بل باتت من اختصاصات الأطباء الشرعيين أيضاً، بعدما أُدرجت أخيراً ضمن «الأمراض التي تسبب الوفاة»، إثر تصريح للناطق السابق باسم مصلحة الطب الشرعي في مصر الدكتور هشام عبد الحميد، حمّل فيه «النحافة» بعضاً من المسؤولية عن مقتل الناشطة في حزب «التحالف الشعبي الاشتراكي» شيماء الصباغ. وقُتِلت الصباغ في 24 كانون الثاني (يناير) الماضي، خلال فض قوات الأمن تظاهرة لأعضاء حزبها إحياء للذكرى الرابعة للثورة، في محيط ميدان التحرير، إثر إصابتها بطلقات خرطوش. وسعت وزارة الداخلية إلى التنصل من المسؤولية عن قتل الصبّاغ. وأكد الوزير السابق محمد إبراهيم أن قواته لم تكن مُسلحة بالخرطوش، لكن الرئيس عبد الفتاح السيسي طلب إجراء تحقيقات شفافة وتقديم الجاني للمحاكمة، وهو ما تعهد به إبراهيم. واتهمت النيابة العامة ضابطاً في قوات الأمن المركزي بقتل الناشطة، وكشف النائب العام المستشار هشام بركات في بيان، عن إحالته على المحاكمة الجنائية، ما اعتُبِر نصراً لمطالب «المحاسبة والقصاص» التي لم تكن تلقى أي صدى منذ نادت بها الثورة. لكن عبد الحميد، الذي أُعفِيَ من منصبه أمس، لم يُرد ل «الفرحة أن تكتمل»، فأطل عبر فضائية خاصة، وقال إن إطلاق الضابط طلقة الخرطوش من مسافة 8 أمتار لم يكن ليؤدي إلى وفاة الصباغ لولا «نحافتها»، ما سبّب اختراق الخرطوش جسدها، ووصل إلى الرئة. وبدا عبد الحميد يتحدث بأسى عن الشابة التي «يكسو عظمها لحم من دون طبقة دهنية» تتصدى للخرطوش، ما أثار موجة سخرية لاذعة على مواقع التواصل الاجتماعي وصلت حد المطالبة بمحاسبة «أطباء الرجيم»، إلى جانب الضابط الجاني. ودفعت الانتقادات التي وُجّهت إلى مسؤول مصلحة الطب الشرعي، وزارة العدل إلى إحالته على التحقيقات، ثم أُعلِن سريعاً إعفاؤه من تكليفه بمهمة الناطق الرسمي باسم المصلحة، في محاولة لامتصاص أثر تصريحاته. والطب الشرعي التابع لوزارة العدل، معني بتشريح جثث القتلى، للتحقق من سبب الوفاة، والسلاح المستخدم في القتل، فضلاً عن رسم سيناريو متوقع لحدوث القتل، ولم يُعرَف عنه قبل تلك الواقعة أي اختصاص يتعلق ب «عالم الدايت» أو «الدهون». ونبّهت مصلحة الطب الشرعي مسؤوليها إلى أنه «يُحظّر على جميع أطباء مصلحة الطب الشرعي وخبرائها وموظفيها الإدلاء بأي بيان أو معلومات فنية قد تصل إلى علمهم، أثناء أو بمناسبة مباشرتهم لعملهم، إلى أي من وسائل الإعلام».