واشنطن، لندن -«الحياة»، رويترز – أطلقت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي أي أي) حملة غير مألوفة في مدينة ديربورن بولاية ميتشيغن، أكثر المدن الأميركية كثافة بالسكان العرب، سعياً الى تجنيد ضباط يتحدثون العربية بطلاقة. وتبحث الوكالة عن «جواسيس عرب» اكفاء في محل تهامة اللبناني الذي يعد وجبات خفيفة وأطعمة معلبة، ومخابز ومحلات حلاقة، كما نشرت الوكالة إعلانات على صفحات كاملة في الصحف الصادرة باللغة العربية، وبثت إعلانات في التلفزيون لإغراء الأميركيين العرب والأميركيين الإيرانيين بالعمل كجواسيس. وأظهر أحد الإعلانات التلفزيونية حفلة عشاء في بيت أحد الأميركيين العرب مع صوت مذيع يقول: «دولتك هي عالمك. إنهما جديران بالحماية... وظائف في سي أي اي». وعرض اعلان آخر خمسة مهنيين من العرب، هم مهندس وعالم واقتصادي ومحام وأستاذ جامعي، يجتمعون ويقولون: «نعمل في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية». وقال حمزة شحادة (48 سنة)، الأميركي اللبناني الأصل الذي يعمل في مجال الديكور والأثاث وهاجر من لبنان قبل 21 سنة: «إذا ذهب أحد فمن أجل المال فقط وليس عن قناعة»، ما يشير الى صعوبة كسب «سي أي أي» تعاطفاً وتأييداً كبيرين في ديربورن. وأضاف: «سأنبه أولادي إلى إلى مغبة الالتحاق بوكالة الاستخبارات المركزية، لأن الناس سيبغضونهم» وأوضح محمد (24 سنة)، الطالب الجامعي من أصول ليبية: «ليس في الأمر نقص في الحس الوطني، بل المسألة مسألة سياسة خاطئة». ويؤكد مسؤولون عن التجنيد إن الوكالة في أمس الحاجة إلى متحدثين بالعربية ولغات أخرى بسبب تزايد الهجمات المسلحة في أفغانستان واستمرار الاحتلال الأميركي للعراق. وصرح هنري ميدينا، مسؤول التجنيد في «سي أي أي» لمنطقة الغرب الأوسط: «سنجند تلك المعرفة واللغة والألسن والفوارق الثقافية الدقيقة الحاسمة في فهم الخصوم والأعداء في شكل كامل». وقالت زهرة روبرتس التي تعمل في التجنيد في الوكالة: «نحاول إزالة الغموض المحيط بالوكالة. لا نريد أن ترى الناس الوكالة فقط كما نراه في الأفلام أو روايات الجاسوسية». وفيما رفضت «سي أي أي» كشف كلفة الحملة الإعلانية، أو تفاصيل عن أعداد المجندين الأميركيين العرب الذين تريد توظيفهم، رحب زعماء الجالية العربية في ديربورن بسعي «سي أي أي» الى الانفتاح، لكنهم يقولون إن الناس باتوا أكثر حذراً من استخدام الحكومة التنصت، ومرشدين يتغلغلون وسط الجالية العربية. وييشيرون الى أن التطبيق الصارم لقوانين الهجرة على الأميركيين العرب والتأخير الذي يتعرضون له في المطارات ونقاط العبور الحدودية أدت أيضاً إلى رد فعل عكسي. ويقول أسامة سيبلاني اللبناني الأصل، ناشر صحيفة «آراب أميركان نيوز» التي تصدر في ديربورن: «قيل للناس أنت تدعى محمد أو تدعى أحمد فإنك إرهابي، فكيف سيلحقون بالحكومة حين يتعرضون الى قدر كبير من التمييز». وأضاف: «يجب أن يكون هناك اقتناع بأن المرء يفعل الصواب، وإلا فسيتحول إلى بندقية للإيجار». وكشف سيبلاني الذي تنشر صحيفته إعلانات «سي أي أي» انه ابلغ مدير الوكالة ليون بانيتا خلال زيارة الأخير ديربورن في أيلول (سبتمبر) الماضي: «عاملونا كأميركيين... نحب أميركا لكن هل تحبنا أميركا». ويؤكد داود وليد، رئيس فرع مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية في ولاية ميشيغن أن أميركيين عرباً كثيرين ممزقون بين مشاعر الوطنية والاستياء من السياسة الأميركية في الداخل والخارج. وقال: «اعتقد أن الشفافية ستكون أكثر افادة من الإعلانات التلفزيونية. هناك قدر كبير من الخوف وانعدام الثقة في الإدارة». ويشكل المتحدرون من أصول شرق أوسطية أكثر من ثلث سكان ديربورن البالغ عددهم 100 ألف. وهم تدفقوا على المدينة قبل مئة سنة حين وظف هنري فورد مهاجرين لبنانيين للعمل في مصنع ريفر روغ. وأخيراً استقر لاجئون عراقيون كثيرون في المدينة. على صعيد آخر، افادت صحيفة «ذي ديلي تلغراف» البريطانية بأن شرطة مكافحة الإرهاب والمسؤولين الحكوميين يعتقدون أن عشرات من المتطرفين وصلوا الى بريطانيا، بتأشيرات دراسية أو سياحية. ويبدي المسؤولون قلقهم إزاء عدم إجراء تدقيق في طلبات الحصول على تأشيرات لدخول بريطانيا، وإمكان بقاء من دخل البلاد بعد نفاد صلاحية هذه التأشيرات. وتشير الصحيفة الى أن أكثر من 13 ألف شخص من باكستان دخلوا الى بريطانيا خلال سبعة أشهر، ومنذ تشرين الأول (اكتوبر) الماضي، ولم يخضعوا لإجراءات التدقيق في الوثائق التي تدعم طلبات الحصول على تأشيرات زيارة. وتخشى السلطات الأمنية من عدم تمكن أجهزة الاستخبارات من مراقبة المشبوهين، كونهم لا يختلطون مع إرهابيين يقيمون في بريطانيا ما يسهّل عملهم في إطار خلايا نائمة، يمكنها أن تنفذ هجمات إرهابية. ويزور حوالى مئة ألف باكستاني بريطانيا سنوياً، ما دفع رئيس الوزراء غوردون براون لأن يصف باكستان بأنها «بؤرة للإرهاب»، إضافة الى أفغانستان. ويفترض أن تدقق وزارة الداخلية البريطانية من خلال موظفيها العاملين في أبو ظبي في طلبات الحصول على تأشيرة من قبل الباكستانيين. ولكن وفقاً لما ذكره جهاز رسمي لمراقبة دخول الأجانب، فإن عدداً كبيراً من موظفي الجوازات وتأشيرات الدخول لا يملكون الوقت الكافي للتدقيق بعناية في الطلبات. وأفادت الصحيفة أيضاً بأن الأجهزة الأمنية قلقة إزاء الأشخاص الذين يصلون الى بريطانيا من بلدان مثل الصومال واليمن وشمال أفريقيا. يذكر أن الأجهزة الأمنية البريطانية تراقب حوالى ألفي شخص من المتطرفين في مختلف أنحاء البلاد، ولكنها أصبحت أكثر قلقاً تجاه الأخطار التي تهدد بريطانيا من الخارج.