لا يخفي الفلسطينيون خيبة أملهم الشديدة من نتائج الانتخابات الإسرائيلية التي حقق فيها رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو انتصاراً كبيراً غير متوقع، وبدأوا يعدون العدة لمعارك سياسية يرجح ان تكون حامية الوطيس في السنوات الأربع المقبلة. وقال رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الدكتور صائب عريقات ل «الحياة»: «للأسف، صوّت الإسرائيليون لمصلحة العنصرية ونظام الفصل العنصري الذي يقوده نتانياهو». ويتوقع مسؤولون فلسطينيون ان يعمل نتانياهو في السنوات الأربع المقبلة من حكمه على اطلاق رصاصة الرحمة على حل الدولتين. وقال عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» الدكتور محمد اشتية ل «الحياة»: «سيعمل نتانياهو في اربعة اتجاهات، الأول تهويد مدينة القدس على نحو يحول دون عودتها الى الفلسطينيين في اي حل سياسي، والثاني احكام السيطرة على المنطقة ج التي تشكل 61 من مساحة الضفة الغربية، والثالث حسم السيطرة على غور الأردن، والرابع مواصلة عزل قطاع غزة وفصله عن الضفة». وأكد مواصلة السلطة سياستها الرامية الى تدويل القضية الفلسطينية عبر الانضمام الى كل المنظمات والمواثيق والمعاهدات الدولية، ومواصلة الإجراءات في المحكمة الجنائية الدولية والمطالبة بعقد مؤتمر دولي للسلام ينتهي بإلزام اسرائيل حل الدولتين». وكان نتانياهو اعلن عشية الانتخابات انه سيمنع اقامة دولة فلسطينية مستقلة، الأمر الذي سيسهل على الفلسطينيين مطالبة العالم بالاعتراف بدولة فلسطين وتوجيه ضغوط على اسرائيل ومقاطعة منتجاتها ومؤسساتها. ويتوقع مراقبون ومسؤولون في السلطة ان يعمل نتانياهو في الفترة المقبلة على إضعاف قيادتها ضمن سياسته الرامية الى القضاء على فرص تطبيق حل الدولتين، وإعادة تحديد دور السلطة وتجريدها من اي دور أمني. وقال استاذ السياسة في جامعة بيرزيت الدكتور غسان الخطيب: «إذا أتيح لنتانياهو ان يحكم لمدة اربع سنوات، فإنه سيعمل على انهاء حل الدولتين وإضعاف القيادة المعتدلة التي ارتبطت بهذا الحل». ومن المتوقع أن تؤدي الإجراءات الإسرائيلية الرامية الى اضعاف السلطة وقيادتها الى ردود فعل محلية، ما يضع الطرفين امام مواجهة حتمية. وقرّر المجلس المركزي الذي يمثل البرلمان المصغر لمنظمة التحرير في اجتماعه الأخير قبل اسبوعين، وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل وإعادة تقويم الاتفاقات الاقتصادية معها. وقال نائب الأمين العام ل «الجبهة الديموقراطية» قيس عبد الكريم ل «الحياة»: «ستسير القيادة الفلسطينية في الاتجاه الذي رسمه المجلس المركزي لمنظمة التحرير». وأضاف: «لدينا رئيس حكومة في اسرائيل يقول انه سيمنع اقامة دولة فلسطينية مستقلة، وهذا سيوقف الضغوط التي كنا نتعرض إليها في السابق من العالم عقب كل انتخابات جديدة للعودة الى المفاوضات مع اسرائيل». وقال انه سيعاد النظر في اتفاق باريس الاقتصادي الذي تقوم اسرائيل بخرقه عبر احتجاز اموال الجمارك الفلسطينية ومنع دخول سلع فلسطينية الى اسواقها. وأضاف: «نحن ايضاً لن نكون مجبرين على تطبيق اتفاق يعمل الطرف الآخر على خرقه الا بما يخدم مصالحنا». وفي شأن وقف التنسيق الأمني، قال عبد الكريم ان القيادة الفلسطينية ستصل الى هذه النقطة، وإنها لن تقبل ان تكون وكيلاً أمنياً لإسرائيل. وستجتمع القيادة الفلسطينية اليوم لدرس نتائج الانتخابات الإسرائيلية والخطوات التالية، في وقت طالبت قوى وفصائل وشخصيات فلسطينية بالإسراع في إتمام المصالحة بين حركتي «حماس» و»فتح» لمواجهة نتانياهو ومخططاته الرامية الى تهويد اكثر من نصف مساحة الضفة، بما فيها القدس، ومنع إقامة دولة فلسطينية مستقلة. وقال الناطق باسم «حماس» حسام بدران: «فوز نتانياهو الذي لا يؤمن بأي حل مع الفلسطينيين يحتم على السلطة وقيادة فتح اتخاذ قرار استراتيجي بتطبيق عملي للمصالحة وقطع كل العلاقات مع الاحتلال». وأضاف: «ندعو إلى توافق وطني لرسم استراتيجية موحدة لمواجهة الاحتلال باعتباره عدواً تجب مقاومته بكل الوسائل والأساليب».