أكدت مصادر ديبلوماسية غربية ل»الحياة» ان مشاورات تجرى لتغيير مهمة توني بلير مبعوث «اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط» في وقت أبدى مسؤولون فلسطينيون رغبتهم برحيله نهائياً عن المنطقة بسبب «انحيازه التام» لإسرائيل، وتركيزه على مصالحه الاقتصادية الواسعة الانتشار. ورجحت المصادر ان يجري تغيير مهمة رئيس الوزراء البريطاني السابق قبل نهاية الاسبوع الجاري، مشيرة الى مشاورات تجرى بين وزير الخارجية الاميركي جون كيري ووزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي وبلير نفسه لتغيير مهمته في اللجنة التي أجمعت هذه الاطراف على تعثرها. وعيّن بلير مبعوثاً خاصاً للجنة الرباعية في حزيران (يونيو) 2007، بعد مغادرته رئاسة الحكومة البريطانية، فيما بدا انه مكافأة له من الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش على مشاركته في الحرب الاميركية على العراق رغم المعارضة الواسعة للحرب في بريطانيا. وانشئت «اللجنة الرباعية»، التي تضم كلاً من الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي وروسيا والأمم المتحدة، عام 2002 كجسم دولي للتدخل في الصراع الذي كان متفجراً بين الفلسطينيين والاسرائيليين في ذروة الانتفاضة الثانية، والمساعدة في إيجاد حل سياسي دولي. وحددت «الرباعية» مهام بلير ب «الاشراف على تنظيم المساعدة الدولية للفلسطينيين وتوجيه المبادرات الرامية لدعم الاقتصاد والمؤسسات الفلسطينية لوضع الاساس اللازم لخلق دولة فلسطينية مستقلة»، لكن مبادرات بلير، بخاصة السياسية، لم تكن مريحة للجانب الفلسطيني، فتوقف الرئيس محمود عباس عن استقباله وطالب مراراً الجانبين الاميركي والاوروبي بإبعاده عن المنصب. وقال مسؤول فلسطيني رفيع ل»الحياة» ان «بلير شخص بلا كرامة، ولو كان لديه قليل من الكرامة لاستقال منذ زمن طويل، لان الجانب الفلسطيني كان يطالب على الدوام بإقالته وإبعاده عن الملف الفلسطيني – الاسرائيلي. لكنه كان يصر على البقاء بصورة غير مفهومة». وأضاف: «وعندما لم يستجب الاميركيون للمطلب الفلسطيني توقف الرئيس عباس عن استقباله». واضاف ان «بلير ابدى انحيازه لإسرائيل في كل موقف، ورفض توجيه أي نوع من الانتقادات، فما بالك بالضغوط، للجانب الاسرائيلي» مبرراً ذلك بأنه «يحاول اقناع الجانب الاسرائيلي بقبول حلول وسط، وان الوسيلة الوحيدة لذلك هي استخدام الديبلوماسية الهادئة». وقال المسؤول الفلسطيني ان بلير فشل أيضاً في الجانب الاقتصادي من مهمته، إذ انه وضع خططاً واستهلك الكثير من الاموال من دون تحقيق أي تقدم على الارض. وكانت جهات عديدة وجهت انتقاداً شديداً الى توني بلير بسبب اتخاذه من فندق «الأميركان كولوني» وهو فندق قديم في القدسالشرقية وأسعاره باهظة، مقراً له، وهو ما كلّف «اللجنة الرباعية» الجزء الاكبر من موازنتها. وغالباً ما شكّك مسؤولون غربيون بجدوى وجود بلير على رأس «اللجنة الرباعية» الدولية بسبب تعثر العملية السلمية وانحيازه الواضح للجانب الاسرائيلي. وقالت المصادر الديبلوماسية الغربية ان بلير أعرب عن رغبته في البقاء في «اللجنة الرباعية» وفي لعب دور في عملية المصالحة الفلسطينية – الفلسطينية وفي عملية السلام، في حال تجددها عقب الانتخابات الاسرائيلية التي تجرى اليوم، ومواصلة تولي الملف الاقتصادي الدولي في الاراضي الفلسطينية. وزار بلير غزة الاسبوع الماضي واطلق تصريحات حول أهمية إعادة إعمار القطاع في ما بدا انه محاولة منه لتسويق نفسه لاعباً في المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية. وحمّل بلير الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي المسؤولية عن تعثر إعادة إعمار قطاع غزة، مطالباً بإزالة العقبات التي تعترض اعادة الاعمار، وبخاصة الانقسام الفلسطيني. وقالت المصادر الديبلوماسية الغربية ان بلير سيحاول لعب دور الوسيط في المصالحة الفلسطينية المتعثرة. ونشرت صحيفة «فايننشال تايمز» أمس خبراً مفاده انه سيجري تعديل مهمة بليرخلال هذا الاسبوع بسبب «علاقته السيئة» مع السلطة الفلسطينية. وقالت الصحيفة ان بلير تباحث حول مهمته الجديدة المحتملة مع وزير الخارجية الاميركي ووزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيرني، مؤكدة ان الاعلان عن تعديل المنصب سيتم خلال الاسبوع الجاري. وكتبت الصحيفة ان «القرار يأتي على خلفية شعور بالضيق الشديد لدى البعض في واشنطن وبروكسيل بسبب علاقته المتدهورة مع مسؤولين في السلطة الفلسطينية ومصالحه الاقتصادية الواسعة الانتشار» في المنطقة بما في ذلك مع حكومات. ولفتت الصحيفة الى ان دور بلير المقبل سيكون اقليمياً، وانه سيواصل تولي المبادرة الاقتصادية الدولية تجاه فلسطين. وفي محاولة للتأكيد على دوره المقبل زار بلير أمس مدينة رام الله، العاصمة الادارية للسلطة، والتقى عدداً من رجال الاعمال، وعرض امامهم خطة «اللجنة الرباعية» في المجال الاقتصادي. وذكر بلير ان الخطة انتقلت من العنوان الاكبر وهو اقامة الدولة، جراء تعثر العملية السلمية، الى الخطة الاصغر المتعلقة بإنعاش الاقتصاد الفلسطيني واعادة اعمار قطاع غزة. وعرض بلير في اللقاء رزمة مشاريع قال ان اللجنة تسعى لجذب تمويل دولي لها. وشملت الخطة مشاريع في المياه والطاقة والمعابر. ورفضت متحدثة باسم بلير التعليق على نبأ تغيير مهمته. من جهة ثانية يتعرض بلير لانتقادات شديدة في بريطانيا حيث يعاني من تراجع مستمر لشعبيته بسبب قراره خوض الحرب على العراق في 2003. وتم تشكيل لجنة تحقيق بريطانية بشأن دوره في قرار المشاركة في الحرب، وإحتمال تضليله لمجلس العموم البريطاني والرأي العام البريطاني عن هذا القرار. وأطلق نائب بريطاني في أواسط كانون الثاني (يناير) الماضي حملة لارغام بلير على الكشف عن عائداته من عمله الاستشاري خصوصاً في اذربيجان وكازاخستان. وأورد العديد من الصحف البريطانية والاوروبية تقارير عن الأعمال الخاصة لشركات توني بلير، خصوصاً في مجال الاستشارات الاقتصادية والسياسية للعديد من الدول العربية والآسيوية والاوروبية، كان آخرها في اواسط شباط (فبراير) الماضي، حين عينته الحكومة الصربية مستشاراً لها لشؤون الاصلاحات. وفي اواسط كانون الثاني، اطلق نائب بريطاني حملة من اجل ارغام بلير على الكشف عن عائداته من عمله الاستشاري خصوصاً في اذربيجان وكازاخستان. وفي اواسط كانون الثاني، اطلق نائب بريطاني حملة من اجل ارغام بلير على الكشف عن عائداته من عمله الاستشاري خصوصاً في اذربيجان وكازاخستان. واوردت الصحف البريطانية ان شركة «توني بلير اسوشييتس» حققت 7 ملايين جنيه استرليني (9,2 مليون يورو) سنوياً لقاء خدمات استشارية لرئيس كازاخستان نور سلطان نزارباييف.