يواجه رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير الذي طالما اتُهم بأنه دمية بيد الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، إتهاماً آخر اليوم بأنه دمية بيد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامن نتانياهو، خصوصاً بعد توليه منصب المنسق الخاص ل «اللجنة الرباعية الدولية»، ويطالبون برحيله «عاجلاً وليس آجلاً». وقال مسؤولون فلسطينيون ل «الحياة» ان المؤسسة السياسية الفلسطينية ترى في بلير «الأداة التي يستخدمها نتانياهو لخداع اللجنة الرباعية والمؤسسات الدولية وتضليلها». وكان الفلسطينيون سجّلوا تحفظاتهم على الكثير من مواقف بلير وممارساته منذ توليه منصبه، لكن الشعرة التي قصمت ظهر البعير جاءت بعد صدور بيان «الرباعية» الأخير في شأن المفاوضات، والذي خلا من أي مضمون، واكتفى بمطالبة الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي بالعودة الى إستئناف المفاوضات، متجاهلاً الأزمة المتفجرة التي سببها رفض اسرائيل وقف الاستيطان. وأطلق عدد من المسؤولين الفلسطينيين عقب البيان تصريحات حادة ضد بلير، اذ حمّله أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ياسر عبد ربه في مؤتمر صحافي عقب صدور البيان، المسؤولية عما جاء فيه، وقال ان البيان لم يكن مقبولاً من الجانب الفلسطيني الذي طالب «الرباعية» بأن يتضمن اشارة الى حدود عام 1967، وهو موقف قال انه منسجم مع مواقف أطراف «الرباعية» (الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي وروسيا والأمم المتحدة). وذهب مسؤول العلاقات الدولية في حركة «فتح» نبيل شعث حد إتهام بلير بأنه يقوم بدور «المسخ» لحكومة نتانياهو، في حين قال مسؤول رفيع ل «الحياة» أن بيان «الرباعية» جاء هزيلاً على هذا النحو بعد قيام بلير بإقناع أعضاء اللجنة بأن لدى نتانياهو رزمة نيات حسنة تجاه الفلسطينيين ستشجعهم على العودة الى المفاوضات، مثل ازالة حواجز وتسهيل حركة المرور وتخفيف الحصار عن قطاع غزة. واضاف ان بلير أقنع وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين آشتون بذلك، لتقوم بدورها بإقناع باقي أعضاء «الرباعية» بأن بلير توصل الى إتفاق مع نتانياهو لهذا الغرض. وقالت مصادر ديبلوماسية إن آشتون أنهت عمل المبعوث الاوروبي الخاص لعملية السلام مارك أوتي أخيراً بناء على طلب بلير الذي وجد في دوره منافساً. واضافت ان آشتون التي تدين لبلير بمنصبها الحالي، أبلغت رؤساء البعثات الديبلوماسية الاوروبية في لقائها معهم أثناء زيارتها الاخيرة للاراضي الفلسطينية واسرائيل بأن «بلير هو الامل الوحيد لعملية السلام»، وأنه «سيفاجئ الجميع». وأعربت المصادر عن عدم رضاها عن الدور الذي يلعبه بلير، معتبرة أنه منحاز الى الجانب الاسرائيلي، ويعمل بالتنسيق معه على حساب الموقف الاوروبي وموقف «الرباعية». وعلمت «الحياة» أن رؤساء بعثات أوروبية سجلوا تحفظاتهم على مواقف بلير وإنحيازه التام لاسرائيل في لقاءات أخيرة مع مسؤولين فلسطينيين. وقال مسؤول فلسطيني إن بلير يعمل على إنقاذ حكومة نتانياهو - ليبرمان (وزير الخارجية) من الازمات التي تواجهها مع المجتمع الدولي، مشيراً في ذلك الى اقتراحاته التي قدمها عقب أزمة «أسطول الحرية» لإنقاذ اسرائيل من المحاسبة الدولية، مثل توسيع رزمة المواد المسموح بإدخالها الى قطاع غزة. وأضاف: «واضح أن بلير يعمل على انقاذ حكومة نتانياهو - ليبرمان على حساب الفلسطينيين بغية تحقيق أغراض شخصية». ويوجه الفلسطينيون إنتقادات حادة لعمل بلير، ويقولون إنه لم يحقق أي شيء في عمله مبعوثاً خاصاً ل «الرباعية» طيلة السنوات الطويلة الماضية. واوضح أحد المسؤولين الفلسطينيين بأن بلير زاد عدد العوائق امام حركة الفلسطينيين، عائقاً إضافياً عندما أقام في فندق «الاميركان كولوني» في القدس، اذ أقام الفندق حاجز تفتيش على مدخله من أجل حماية أمن بلير أثناء اقامته. وقال إن «بعثة بلير تستهلك أموالا طائلة من دون معنى»، مشيراً الى ملايين الدولارات التي تنفق سنوياً على البعثة باسم الفلسطينيين من دون أن تحقق لهم أي شيء. واضاف: «لقد وجدنا أن أجرة مكاتب البعثة في الاميركان كولوني تبلغ 1.2 مليون دولار سنوياً، وأن رواتب الموظفين تصل الى 45 ألف دولار شهرياً من دون أن يكون لها دور حقيقي». وكان بلير أعلن لدى توليه منصبه انه سيلعب دوراً سياسياً واقتصادياً. واشار الى أن دوره السياسي سيكون مؤثراً بسبب علاقاته مع الاطراف منذ كان رئيساً لوزراء بريطانيا. وقال مسؤولون فلسطينيون إن بلير يجوب العالم، ويقدم محاضرات يجمع من ورائها أموالاً طائلة بصفته منسقاً خاصاً ل «الرباعية»، من دون أن يحدث أي تقدم على الارض. واوضح أحد المسؤولين أن «الجانب الفلسطيني لم يعد قادراً ولا راغباً في التعامل مع بلير، ويطالب بتغييره عاجلاً وليس آجلاً».