انتهت اللجنة الوزارية بعد عشرة اجتماعات عقدتها برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري الى إنجاز مشروع البيان الوزاري لحكومة الائتلاف الوطني من دون ان تتوصل الى تأمين إجماع في شأن سلاح المقاومة بسبب اعتراض وزيري العمل بطرس حرب والشؤون الاجتماعية سليم الصايغ (حزب الكتائب) اللذين سجلا تحفظهما عن كلمة «مقاومته» الواردة في الفقرة التي تنص على «حق لبنان وشعبه وجيشه ومقاومته في تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر المحتلة»، وطلبا حذفها بذريعة عدم جواز أن يكون للمقاومة شخصية معنوية مستقلة تميزها عن سائر اللبنانيين. وجاء هذا البند بمثابة نسخة طبق الأصل عن البند الذي اعتمدته الحكومة السابقة برئاسة فؤاد السنيورة في بيانها الوزاري. وعلم أن الحريري حاول التوفيق بين الوزراء المؤيدين للإبقاء عليه بنصه الحرفي وبين الوزيرين حرب والصايغ اللذين اقترحا حذف كلمة «مقاومته» منه، لكن الأخيرين أصرا على موقفهما على رغم أن الوزراء توافقوا على إدخال تعديل طفيف على البند المتعلق بسلطة الدولة وذلك بإضافة كلمة «حصرية» على هذه العبارة لتصبح على النحو الآتي: «الحكومة تؤكد تمسكها بمبدأ وحدة ومرجعية الدولة وحصريتها». وبحسب المعلومات أيضاً، فإن اللجنة الوزارية أدخلت تعديلاً على النص الوارد في البيان الوارد لحكومة السنيورة في شأن العمل على وضع استراتيجية وطنية شاملة لحماية لبنان والدفاع عنه يتفق عليها في الحوار الذي يرعاه رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الذي يجب أن يستكمل لأجل توحيد الموقف الوطني من هذه الاستراتيجية. واعتبرت مصادر وزارية في لجنة البيان الوزاري أن التعديل الذي أدخل على هذه الفقرة لجهة متابعة الحوار من أجل توحيد الموقف في شأن الاستراتيجية الدفاعية، «جاء ليخفف من تحفظ حرب والصايغ باعتبار أنها موضوع مختلف عليه، لكنهما أصرّا على تحفظهما من دون أن يؤثر ذلك في الأجواء الإيجابية التي سيطرت على المناقشات في داخل اللجنة». وأكدت المصادر نفسها أن الاجتماع الماراثوني للجنة البيان الوزاري الذي عقدته مساء أول من أمس واستمر أكثر من سبع ساعات لم يخصص لإقناع حرب والصايغ بسحب تحفظهما عن الفقرة الخاصة بسلاح المقاومة، «لأن المجتمعين تجاوزوا ذلك بعد دقائق من طرحه باعتبار أن المشاورات التي أجريت قبل عقدها لم تحقق أي تقدم». وكانت اللجنة اجتمعت بعد ظهر أمس برئاسة الحريري وانتهت في أقل من ساعة من إجراء مراجعة أخيرة لمشروع البيان الوزاري الذي يقع في 22 صفحة فولسكاب، وبالتالي أصبح جاهزاً وينتظر أن يوزع على الوزراء قبل مطلع الأسبوع للاطلاع عليه فيما ينتظر أن يتواصل الحريري مع سليمان فور إيداعه نسخة عن مشروع البيان للاتفاق على موعد لجلسة مجلس الوزراء التي ستخصص لمناقشته لإقراره في صيغته النهائية. وتوقعت المصادر الوزارية أن تُعقد الجلسة الثلثاء أو الأربعاء المقبلين على أن يصار الى توزيع المشروع على النواب فور إقراره تمهيداً لتحديد موعد لجلسة المناقشة العامة والثقة يتم الاتفاق عليه بين الحريري ورئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي غادر أمس الى أوروبا في زيارة خاصة تستمر حتى صباح الاثنين. ولم تستبعد المصادر احتمال دعوة بري البرلمان لعقد جلسة السبت في الخامس من كانون الأول (ديسمبر) المقبل على أن تخصص لتلاوة البيان الوزاري لتبدأ مناقشته الاثنين في 7 منه، مشيرة الى أن لدى البرلمان والحكومة رغبة في اختصار جلسة المناقشة من خلال انتداب كل كتلة أحد نوابها للتحدث باسمها، خصوصاً أن لا مبرر للإكثار من عدد طالبي الكلام طالما أن جميع الكتل ممثلة في حكومة الائتلاف الوطني. ويتضمن مشروع البيان الوزاري للمرة الأولى منهجية عمل الوزارات والمشاريع التي تنوي تنفيذها في المدى المنظور أو في الأمد البعيد، إضافة الى إيلاء البيان أهمية خاصة لقطاع الكهرباء باعتباره من أولى الأولويات التي تستدعي من الحكومة القيام بجهد فوق العادة ليس لتأمين تزويد المناطق اللبنانية بالتيار الكهربائي على مدار 24 ساعة فحسب وإنما أيضاً لوقف الهدر وترشيد الانفاق والتشدد في جباية فواتير المستفيدين من التيار الكهربائي، إضافة الى مزيد من الإجراءات لفرض هيبة الدولة. ويشدد البيان على الارتقاء بالعلاقات اللبنانية – السورية الى المستوى المطلوب لمصلحة البلدين والشعبين الشقيقين، ويعتبر أن اتفاق الطائف يشكل المرجعية لهذه العلاقات. ويؤكد البيان إجماع مؤتمر الحوار الوطني في جلساته الأولى برئاسة بري في آذار (مارس) 2006 على جمع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وتنظيمه بداخلها، إضافة الى ضرورة استكمال تطبيق الطائف، وتعديل الدستور من أجل خفض سن الاقتراع من 21 سنة الى 18 سنة، وإجراء الانتخابات البلدية في موعدها مع احتمال تأجيلها لضيق الوقت في حال لم يعدل الدستور قبل انقضاء المهل المنصوص عنها في قانون الانتخاب والمتعلقة بإعداد لوائح الشطب بأسماء الناخبين وتصحيحها، وإلا فإن الانتخابات ستجرى على القانون القائم حالياً. واللافت أيضاً أن البيان الوزاري يركز على مكافحة الإرهاب بكل أشكاله وعدم السماح بأن يعرّض استقرار لبنان للمخاطر.