لندن - أ ف ب - خضع عدد من كبار المسؤولين البريطانيين أمس للمساءلة في الترويج لوجود أسلحة دمار شامل في العراق لتبرير الحرب على هذا البلد. وفي اليوم الثاني من جلسات الاستماع العلنية التي تُجرى في لندن، كشف مسؤولون كبار أنهم عثروا على بعض الأدلة التي تؤكد وجود علاقة بين العراق وتنظيم «القاعدة»، إلا انه تم التقليل من أهمية ذلك عقب هجمات 11 ايلول (سبتمبر) 2001 على الولاياتالمتحدة. كما تطرق المسؤولون للحجة الشهيرة التي ساقتها الحكومة البريطانية عام 2002 وهي أن العراق كان يملك اسلحة دمار شامل ويمكن ان يشن هجوماً بالأسلحة الكيمياوية او البيولوجية خلال 45 دقيقة. ومن المقرر أن يمثل رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، الذي ادخل بريطانيا في الحرب الى جانب الرئيس الاميركي جورج بوش، أمام لجنة التحقيق لتقديم إفادته ولكن ليس قبل كانون الثاني (يناير). كما يمكن استدعاء رئيس الوزراء الحالي غوردون براون للمثول امام اللجنة. ومن أهم المعلومات التي وردت في الإفادات أمس تلك المتعلقة بالعلاقات المفترضة بين العراق ومتطرفي «القاعدة». وقال تيم داوز الذي شغل منصب رئيس قسم مكافحة الانتشار النووي في وزارة الخارجية البريطانية بين 2001 و2003: «لقد وجدنا أدلة على حصول اتصالات بين مسؤولين عراقيين وأعضاء في القاعدة نهاية التسعينات، غير أننا وصلنا الى خلاصة مفادها أنها اتصالات متفرقة للغاية (...) وأنها لم تكن تدل على وجود علاقة بين الطرفين». وأضاف أن العراقيين «ابتعدوا في شكل أكبر» عن «القاعدة» بعد 11 ايلول (سبتمبر). وطلب رئيس اللجنة جون شيلكوت الاستماع الى شاهد آخر هو وليام اهرمان، مدير مكتب الأمن الدولي في وزارة الخارجية بين 2000 و2002 السفير الحالي لدى الصين، لمعرفة هل كانت بريطانيا قد ناقشت هذه المسألة مع الولاياتالمتحدة. وقال «اولوا اهتماماً خاصاً ببعض الصلات أكثر منا، ولكن رأينا كان أنه لا يوجد دليل يشير الى تعاون خطير من اي نوع بين القاعدة ونظام صدام حسين «. وأوضح داوز أن زملاء له في الاستخبارات الاميركية شاركوه هذا التقييم، مشيراً الى أن هذا لم يكن رأي البعض في الإدارة الأميركية. واستجوب شيلكوت كذلك مسؤولين سابقين آخرين في الحكومة في المزاعم البريطانية أن العراق قادر على شن هجوم كيمياوي او بيولوجي خلال 45 دقيقة. وتسببت تلك المزاعم في حدوث ضجة سياسية كبيرة في بريطانيا في ذلك الوقت بعدما بثت شبكة «بي بي سي» أن الملف الاستخباراتي الذي تضمن تلك المزاعم احتوى على معلومات «ملفقة» لتعزيز الحجج لشن الحرب على العراق. وانتحر خبير الأسلحة في الحكومة البريطانية ديفيد كيلي عام 2003 وسط أنباء انه كان مصدر المعلومات التي حصلت عليها «بي بي سي»، ما أدَّى الى فتح تحقيق في المسألة. وقال داوز إنه لم يفاجأ بالمعلومات عن قدرة العراق على شن هجوم خلال 45 دقيقة عندما سمع. ووأوضح: «عندما شاهدت التقرير حول شن الهجوم في 45 دقيقة، لم اهتم به كثيراً لأنه لم يبد لي شاذاً (مقارنة مع التقديرات في ذلك الوقت)». وقال المسؤولون امام لجنة التحقيق أن هذه المزاعم كانت تشير الى استخدام أسلحة كيمياوية في ميدان المعركة وليس لمهاجمة دول. وأشاروا الى أن العراق لم يكن في 2001 اي قبل سنتين من اجتياحه «على رأس لائحة» المخاوف البريطانية المتعلقة بخطر الانتشار النووي. وأفاد اهرمان أن «الخطر النووي والصاروخي، الذي تشكله إيران وكوريا الشمالية وليبيا كانت مصدر قلق أكثر من العراق».