حققت المصارف الأميركية أرباحاً صافية بقيمة 2.8 بليون دولار في الفصل الثالث من 2009 بعد تسجيل خسائر تجاوزت أربعة بلايين دولار في الفصل الثاني، إلا أن موازناتها الإقراضية انخفضت بأكبر نسبة لها منذ أوائل ثمانينات القرن الماضي، على رغم الدعم المالي الضخم الذي أمّنته لها وزارة الخزانة ومجلس الاحتياط الفيديرالي (المصرف المركزي) لزيادة نشاطها الإقراضي ومساعدة الاقتصاد على الخروج من ركوده. وأبدت رئيسة المؤسسة الفيديرالية لضمان الودائع شيلا بير، خيبة إزاء استمرار تردد المصارف التجارية في فتح صناديق الإقراض، مشددة على أهمية تأمين الائتمان بالنسبة إلى الانتعاش الاقتصادي، وقالت في بيان الثلثاء: « نريد من المصارف تقديم قروض أكثر إلى زبائنها من رجال الأعمال وبخاصةٍ الشركات الصغيرة التي تعتمد عليها لتأمين نحو 60 في المئة من احتياجاتها التمويلية». إلا أن رئيسة هيئة ضمان الودائع، التي أعلنت ازدياد عدد المصارف المنهارة منذ بداية السنة إلى 124 مصرفاً، 50 منها في الفصل الثالث، وارتفاع عدد المصارف المهددة بالانهيار إلى 552 حجم أصولها نحو 350 بليون دولار، استبعدت ظهور مؤشرات إلى بداية انفراج في أزمة الائتمان، كمقدمة لتحسن حقيقي في نشاط الإقراض وأداء المال للمصارف، قبل نهاية الفصل الأول من العام المقبل. وعلى رغم تحسن أرباح المصارف في الفصل الثالث، مقارنة بالفصل الثاني والفصل الثالث من 2008، إلا أن أقل من 43 في المئة منها (3500 مصرف) أعلنت عن زيادة في أرباحها بينما اتشحت الموازنات العمومية ل 26.4 في المئة منها (ما يزيد على 2100 مصرف) باللون الأحمر مقارنة ب 24.6 في المئة خلال الفترة ذاتها من 2008. وعكس مسار الأرباح مدى حجم الكارثة التي جلبتها المصارف الأميركية على ذاتها، فبعد أن راوحت أرباحها السنوية بين 130 و140 بليون دولار في الأعوام القليلة التي تشكلت فيها فقاعة الرهون العقارية الرديئة، عادت وانكفأت إلى 100 بليون دولار في 2007 ثم إلى 10 بلايين في 2008، حين بلغت خسائرها في الفصل الرابع أكثر من 32 بليون دولار. وعزت هيئة ضمان الودائع استمرار الضغوط على الأداء المالي للمصارف في الفصل الثالث، إلى ارتفاع احتياط خسائر القروض 22 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من 2008 متجاوزاً 62 بليون دولار. وعلى رغم أن احتياط الخسائر يعتبر الأقل حجماً على مدى الفصول الثمانية الأخيرة، اضطر 63 في المئة من المصارف إلى زيادة مخصصاته الاحترازية. وسجلت خسائر القروض الهالكة في الفصل الثالث، وللفصل الحادي عشر على التوالي، زيادة كبيرة بلغت 80 في المئة، مرتفعة إلى 51 بليون دولار. ووفقاً لأحدث تقديرات أصدرها صندوق النقد الدولي، يتوقع أن ترتفع حصة المصارف الأميركية من خسائر القروض إلى 654 بليون دولار من دون حساب خسائر التوريق التي يرجح أن تتجاوز 370 بليوناً. ولاحظت هيئة ضمان الودائع أن خسائر القروض التجارية والصناعية قفزت في الفصل الثالث 118 في المئة وبمقدار 4.6 بليون دولار، لكن فئات الائتمان كلها سجلت زيادات كبيرة في خسائرها إذ ارتفعت خسائر بطاقات الائتمان 78 في المئة (4.4 بليون دولار) وازدادت خسائر الرهون العقارية 63 في المئة (3.7 بليون دولار) وارتفعت خسائر قروض البناء والتطوير العقاري 68 في المئة (3 بلايين دولار). وأبرزت الهيئة انحسار النشاط الإقراضي للمصارف باعتباره أحد أهم الآثار السلبية المستمرة لأزمة المال والركود الاقتصادي، مشيرة إلى انخفاض موازنات الائتمان بنحو 210 بلايين دولار وبنسبة هي الأعلى منذ عقدين ونصف العقد (2.8 في المئة) في الفصل الثالث. وراوحت نسب الانخفاض في فئات الائتمان المختلفة بين 4.2 في المئة في الرهون العقارية السكنية و8 في المئة في قروض البناء والتطوير العقاري. وانعكس انحسار نشاط الإقراض للمصارف الأميركية في انخفاض أصولها بنحو 54 بليون دولار في الفصل الثالث، بعد انخفاضها 240 بليوناً في الفصل الثاني و300 بليون في الفصل الأول من السنة . لكن في مقابل تحجيم نشاطها الإقراضي رفعت المصارف احتياطها لدى المصرف المركزي 37 في المئة (140 بليوناً) وزادت استثماراتها في السندات، بما فيها سندات الخزانة، بنحو 60 بليوناً في الفصل الثالث.