تقول القاصة والمترجمة تركية العمري إن المراسيم الدينية وممارستها، «تمنح المكان تاريخاً خاصاً، وُتوجد في الإنسان المثقف الذي يحيا في هذا المكان هوية خاصة، وكأنها تحفر في كيانه، وحواسه صوراً، وأصواتاً، ودلالات حياتية لا يعرفها غيره تنهل منها ذاكرته، ولغته التي تكون أدبه، ولأنني ولدت في مهبط الوحي مكةالمكرمة، وعشت فيها سنوات من عمري، تتداعى في ذاكراتي وفي وجداني، ملامح الحجاج القادمين من جهات الأرض، والنفحات الروحانية التي تظلل طرقات مكة في موسم الحج، وكأن الطرقات تنصت بخشوع إلى ادعيتهم، وصلواتهم، وأمانيهم، صوت أهازيج النساء، وألعابهم الخاصة بالمناسبة، والتي مارستها النساء منذ زمن، نوافذ المنازل التي تتشكل أيادي تصافح ضيوف الرحمن، حرامات الحجاج، وكأنها هالات نور تحيط بمكة»، مضيفة حول حضور الحج في نصوصها، «لم تتقاطع أي ملامح لطقوس الحج في نص أدبي لي، ولكن ذات نص قصصي أو روائي ستنهمر قسمات وجه مدينة من نور احتوت شغب طفولتي، وشكلت ثقافتي الحقيقية» . ويرى القاص عبدالإله الأنصاري، في ما يخص المدينةالمنورة، خلال فترة الحج، إن «أيام الحج تعتبر أخصب أوقات التأمل، وأعمد فيها إلى استخدام «سيارات الأجرة» والمشي في المناطق القريبة من الحرم، ومعروف أن أهل المدينة يتخففوا من زيارة الحرم في المواسم عدا العيدين، كي لا يزاحموا الحجاج والزوار في الوقت الذي اعتبر الزيارة فيه من قبيل الانغماس في تلك الأجواء الروحانية، مما يرسخ لدي الإيمان بالطينة الواحدة، بمعنى الطمأنينة و الطيبة وهذا شعور يعرفه من يمتزج مع الناس والمكان في تلك الأيام». وحول الأعمال الإبداعية التي يتذكرها، وقد تقاطعت بشكل أو بآخر مع الحج وأيامه ولياليه، يقول الأنصاري: «للأسف لم يسبق أن تقاطعت مع عمل أدبي يتناول الحج، مع أن هذا السؤال يدفع ب «لماذا» كبيرة، بخاصة وأن هذا الحدث الفريد يمر بنا كل عام، ربما يكون القصور مني، وأعتقد بأن علامة تعجب ستنبت في رأسي حين لا أعثر على أعمال تطرقت له وما يمثله للمسلمين كافة». أما الشاعر عبدالله بيلا فيتحدث عن أيام الحج قائلاً:» الحج بالنسبة إلي هو المهرجان الثقافي الأكبر في العالم، إذا استغلَّ بالطريقة الصحيحة وأصبح هذا التجمُّع منفتحاً على أكثر من سماء وليس مقصوراً فقط في لبوس الشعائر الدينية. ..وذكرياتي مع الحج تخبئُ ماضياً أجمل بكثير من الحاضرْ على رغمِ قساوةِ الماضي في الكثير من ظروفه وأحداثه، اقتصادياً وسياسياً...لكنه لم يفتقد لصبغته الروحية التي تميّزه عن كل التجمعات الأخرى. ولكنه بدأَ الآن تدريجياً في التحول إلى شعائر مادية»، لافتاً إلى أن قصيدة الشاعر اللبناني سعيد عقل «غنيت مكة أهلها الصيدا» تظل «العمل الإبداعي الأجمل، الذي أشعر أنّه يمثِّلُ الحج والحنينَ إلى طُهرِ البقاعِ التي تحتفي بالنفوسِ المطهرةِ، المؤمنة. وتظل هناك محاولات من فترةٍ لأخرى لكتابةِ أعمال إبداعيةٍ عن الحج ولكنها لا تخرجُ عن إطارِ الروحانيات والوصفِ والحنين وأدبِ الرحلاتْ».