تحاشى أكثر من باحث واختصاصي في المجالات المتعلقة بالأضرار التي قد تلحق بمستهلكي مياه الشرب المعبأة أو التحلية الإجابة عن أسئلة «الحياة» في ما يخص جوانبها المختلفة، معتذرين بأن المعلومات المطلوبة للحصول عليها خارج اختصاصاتهم. وبعد اتصالات عدة، وإحالات من متخصصين (يفترض امتلاكهم الإجابة عن الأسئلة) وافق خبير كيمياء المياه الدكتور محمد السويلم على التجاوب مع «الحياة»، حول الموضوع. وقال السويلم: «يسمع كثيراً المتابعون والمستهلكون العاديون لمياه الشرب عبارات مثل الأيونات، المياه القاعدية، ويسمعون عن نسب هذه وارتفاعاتها، ولكن قلما يجدون من يفسر لهم أهم هذه المصطلحات، وهذا يرجع إلى تخصص الناس في الكيمياء من ناحية التركيب الكيماوي، بيد أن ثمة أناساً متخصصين في استخداماتها في الري والشرب، أو الناحية الجيولوجية». وتابع خبير كيمياء المياه: «أهم المصطلحات هو التركيب الأيوني، وهو مجموع الكاتيونات والأنيونات الموجودة في الماء، لأنه عنصر (متأين) في الماء يحمل شحنة كهربائية موجبة أو سالبة، فالموجبة مثل الصوديوم وغيره تحمل شحنات موجبة، والأخرى تحمل شحنة سالبة مثل الكبريت والكلوريد، وهو موجود مع الصوديوم على شكل ملح الطعام، وهناك أشكال أخرى مهمة جداً، لكن يعرفها المتخصصون، لأن لها علاقة بأصل المياه وتكوينها ونوع المياه ونوع الصخور». وأضاف: «هناك اتزان بين الشحنات الموجبة والسالبة في الماء، بحيث ينبغي ألا تزيد إحداها على الأخرى، وأحسن تركيز للأملاح في المياه لا يزيد على 500 جزء في المليون، ويتحمل الإنسان إلى 1000 جزء في المليون من تركيز الأملاح». وفي ما يخص مصطلح «المياه القاعدية»، يؤكد السويلم أنه «متعلق بالرقم الهيدروجيني للماء، وهذا مهم من ناحية الشرب والصناعة». وتابع: «ثمة مياه قاعدية وأخرى متعادلة، فالمتعادلة هي التي يكون فيها الرقم الهيدروجيني محدداً، والقاعدية تكون أعلى من المتعادلة، والحمضية، هي ما كان أقل من ذلك، بحسب نوعية المياه، وأفضل هذه المياه هي المتعادلة، وكونها قاعدية يعني أن تركيبها قد يسبب تغيراً في الطعم، وما يحدد ذلك هو تركيب الأيونات، وكذلك فالمياه الحامضية تؤثر في الأسنان، لكن الإنسان لا يستسيغ طعمها أصلاً». وقال السويلم: «من هنا ينبغي أن أشير إلى معلومة مهمة مفادها أن مياه التعبئة (الدبّات) تبلغ نسبة ملوحتها 120 في المليون، ومياه التحلية ملوحتها من 350 إلى 600 أو 700 في المليون، وسبق أن نبهت إلى أن جسم الإنسان يتحمل تركيزاً يصل إلى 1000 جزء في المليون، ومن هنا فإن ما بين 350 إلى 700 يُعد مياهاً صالحة للشرب، وأما الاختلاف اليسير في الطعم هنا فلا يضر الصحة، لكن قد يحصل التغير في الطعم أو الضرر نظراً إلى أن خزان المياه في المنزل الذي يستخدم التحلية غير نظيف، أما مياه التحلية فهي صالحة، بل وفيها موادّ إضافية مثل الكلور، لكن السؤال الذي ينبغي أن نطرحه هو على صاحب خزان المياه، هل يحوي خزانه ميكروبات أو بكتيريا قولونية مثلاً، هل يوجد فيه تلوث أو تتسرب إليه مياه صرف، إن وجود مثل هذه الأشياء في الماء هي ما قد يجعلها ملوثة وليست مالحة فقط، وإذا كانت ملوثة فهي لا تصلح للشرب نهائياً، وليس السبب في ذلك أنها مياه تحلية، وإنما السبب أن الخزان ملوث». ويضيف: «مياه التعبئة (الدبّات) هي الأخرى لا تخلو من مشكلات وخطورة، فمع حرارة الصيف الشديدة ورداءة البلاستيك أو كونه استخدم سابقاً في عمليات تسبب تلويثه، عندئذ يكون ضرره حاصلاً، ناهيك عن أنه لا فرق كبيراً بينه وبين مياه التحلية في نسبة الأملاح، فكلاهما صالح للشرب، وهذا يتضح بالمثال، فهذه (الدبّات) يتم تنظيفها ولا يعاد إنتاجها، فإذا بقيت في الشمس طويلاً ثم تم تنظيفها فقد تكون مضرة بالصحة، وكذلك ما إذا استخدمها مستهلك في تسخين شيء أو تخزين أشياء تعلق بالعبوة، ثم أعادت الشركة تنظيفها وتعبئتها بطريقة غير كافية، فعندئذ يحصل منها ضرر صحي كبير». واستطرد: «لبيان ذلك، لا يخفى على المتابعين أن هذه (الدبّات) قد يستخدمها البعض في نقل الأشياء الخطرة، مثل خلط بعض المواد الكيماوية، أو يستعين بها في أي شيء آخر»، متسائلاً: «والشركات المعنية بإعادة تعبئة المياه في هذه (الدبّات)، من يضمن أنها تنظفها بطريقة مضمونة»؟ وتابع: «كشهادة شخصية، أخبرك أنني التقيت بأحدهم، عندما زارنا في القرية، واحتاج لخلط بعض المواد الكيماوية أو الأسمدة أو الكيماوية، فخلطها في هذه الدبّات». وعاد للتساؤل: «فمن يضمن لي أن هذه (الدبّة) نظفتها الشركة عندما استعادتها؟ لا شك أنها لا تعيد إنتاج هذه الأوعية البلاستيكية، بسبب الخسائر المترتبة عليها، ولهذا فإنك لا تعدم أن تجد منظر بعض هذه (الدبّات) مثيراً للاشمئزاز، من شكلها ولا تستطيع الشرب منها، وبعضها تكون صافية، ومع ذلك يجب تنظيف رأسها عند استعمالها، فما تقوم به هذه الشركات ينحصر في غسل (الدبّة) ثم المجيء بوحدة تنقية لكي تقلل الملوحة، ثم تعقم المياه بالأشعة فوق البنفسجية، ولهذا فإن مياه التحلية إذا توافرت فهي الأفضل، بشرط سلامة الخزان من الملوثات».