لم يعد متقبلاً أن ترى شخصاً يضع كأساً تحت صنبور ماء ثم يبدأ بشربه، معالم دهشة أو تحذير أو ملامح اشمئزاز من فعلتك، ربما تشعر على إثرها أنك أقدمت على ما يقدم عليه أحدٌ من العالمين. في كل مكان تدخله، سيارة، منزل، مكتب، مقهى، تجد تلك القوارير البلاستيكية وربما الزجاجية واقفة ب«شفافيتها» و«نداها» على الطاولات وحاملات الأكواب، ونادراً ما تجد كأساً، وإن وجدت فقد ملأ بالتأكيد من «مبرّد» تعلوه مقلوبة «أم القوارير». ماذا حصل؟ كيف شرب آباؤنا، وأجدادنا، وأجدادهم، بل ونحن أنفسنا قبل عقد أو عقدين! سيقول لك قائل: مياه البلدية مليئة بالمشكلات، بدءاً من الأملاح والكلور والملوثات، مثيراً التساؤلات عن أصل المياه ومنبعها وطريقة وصولها. وسيأتيك أحدهم مترفعاً ليقول لك: كيف يمكن أن تتذوقها؟ كيف تحتمل طعمها؟ وصل الأمر أخيراً، إلى أن طعم المياه من هذه «الماركة» أفضل، وهذه الشركة مياهها مسرطنة وتلك ملوثة، أما الذي يشربها المتحدث «الخبير» فهي الأفضل. لكن كل هؤلاء ربما يفاجأون عندما يعلمون أن قصة «الطعم» ليست سوى خدعة، وأن الأمر في الغالب عندما بدأ التحول من مياه الصنابير إلى «المعبأة» ليس سوى حملات تسويقية ضخمة غيرت «الصورة الذهنية». أكد ذلك خبير كيمياء المياه الدكتور محمد السويلم في حديث ل«الحياة»، إذ قال إن مياه التحلية صالحة للشرب، بل هي تتفوق بخلوها من عيوب ومشكلات تعاني منها «المعبأة»، لافتاً النظر إلى أن طعم المياه لا علاقة له بنسب الملوحة بشكل رئيس، وإنما بنظافة خزانات المياه التي تحويها. وحذر السويلم من «البلاستيك» المستخدم في قوارير المياه المعادة تعبئتها، خصوصاً في فصل الصيف، وخطورة ما يمكن أن ينتج من تفاعلاتها مع المياه. خبير في كيمياء المياه: «التحلية» أفضل من «المعبأة» «الطفل الأزرق»... شبح يحوم حول صغار مستهلكي «الجوفية» الإيقاع ب«مياه الساقية» في المصيدة استهلاك المياه: «طوفان» ما قبل «الظمأ» خبير تسويق: «الصورة الذهنية» لدى المستهلك تتغير ب«شطارة» المستثمر