أدوارها قليلة لكنّها مدروسة. تطل بأدوارٍ تعلق في الأذهان. كسرت صورة حواء، أو بالأحرى «ياسمين»، في البرنامج الكوميدي «آدم وحوّا» وخرجت من هذا الإطار قبل أن تعلق فيه الى الأبد، أي قبل أن يعجز المشاهدون عن رؤيتها في غير هذا الدور. إنّها الممثلة اللبنانية باتريسيا نموّر التي تشارك في مسلسل «مؤبّد» للكاتب مروان نجّار والمخرجة ليليان بستاني على شاشة «المستقبل». عن دورها في هذا العمل، تقول: «إنّها تجربة مميزة جداً، فقد أحببت العمل مع الممثل بديع أبو شقرا الذي أقف أمامه في التمثيل للمرة الأولى. فهو شخص شديد الإحتراف ويعمل من قلبه بنشاط وطاقة لا ينتهيان، وأعترف بأنّ الجهد الأكبر كان مطلوباً منه لا منّي، فأنا كان عليّ أداء بعض المشاهد الصعبة أمّا هو فكل دوره صعب من المشهد الأول حتّى المشهد الأخير». عند مشاهدة المسلسل تنتقد نمّور نفسها كثيراً فتنظر حيناً إلى شكلها الخارجي وحيناً إلى طريقة أدائها، وتعترف بأنّها تحبّ في المسلسل المَشاهد التي لا تظهر فيها فتشاهدها باستمتاع، ولكنّها في النهاية تعرف «أنّ طريقة أدائي في اللحظة التي صوّرنا فيها كانت الأفضل ولم يكن بالإمكان أفضل ممّا كان نظراً الى ظروف تلك اللحظة وحيثياتها، لذلك أتسامح مع نفسي أحياناً». وتلفت إلى أن انتقاد نفسها ناجم عن الرغبة في التقدّم الدائم وتفادي الثغرات مهما كانت صغيرة. «آدم وحوّا» مسلسل ظهرت فيه باتريسيا بشكل ظريف يعكس واقع الثنائي المتزوّج بكل تفاصيله الحياتية اليومية، ما ساعدها لتكون أقرب من المشاهدين فكانت كلّ امرأة تجد نفسها في شخصيتها كما أن كلّ رجل أيضاً كان يجد نفسه في شخصية زوجها عصام (عصام بريدي)، ولكن السؤال: ألم تضجر نمّور من التمثيل في العمل نفسه طيلة ثلاث سنوات؟ تجيب: «لقد أحببت العمل في هذا المسلسل وكنّا نتسلّى ونضحك كثيراً خلال التصوير، لا أنفي أننا كنّا نتعب كثيراً بسبب تصويرنا حلقتين يومياً، ولكنني لم أضجر يوماً بخاصّة أنّ العمل كان ينحصر في ثلاثة أو أربعة شهور فنصوّر حلقات كافية لتعرض خلال سنة كاملة، فكنت أرتاح في الأشهر الباقية وأشتاق خلالها للعودة إلى هذا البرنامج». وتشير باتريسيا إلى أنّها تضحك كثيراً عند مشاهدتها «آدم وحوّا»، فهذه الشخصية التي تؤدّيها تشبهها إلى حد بعيد لذلك تنسى أنّها تمثّل، «أضف إلى ذلك أنّني أرى عصام يقوم بحركات من وراء ظهري لا أكون رأيتها خلال التصوير». أمّا أغرب ما يحصل مع باتريسيا فهو شعورها أحياناً بأنّ شخصية ياسمين تسيطر عليها في بعض المواقف، وتقول ضاحكةً: «في لحظة معينة أشعر بأنّها تسيطر عليّ في كلامها السريع وكثرة «النقّ» والتشكي من أبسط الأمور، فأقرر حينها أنّه يجب العودة فوراً إلى شخصيتي الأساسية وطردها من رأسي». شاركت باتريسيا في بعض الأعمال، معظمها لمروان نجّار، فظهرت في 6 حلقات من مسلسل «طالبين القرب» حيث أدت شخصية فتاة تريد أن تنتحر عن صخرة الروشة، «هذا الدور ما زال كُثُرٌ يذكرونه مع أنّه كان منذ سنوات طويلة». أطلت أيضاً في «حصاد المواسم» في دور كبير نسبياً، ولكنّ الدور الذي خلق ضجة كبيرة كان دورها في «صارت معي» إذ أدّت شخصية فتاة يغتصبها والدها، فعُرِضت الحلقة الأولى على شاشة التلفزيون ومُنِعت الثانية فتحوّلت إلى فيلم سينمائي. هذه الخضّة التي تعرّضت لها هاتان الحلقتان صبّت في مصلحة نموّر لناحية تسليط الأضواء عليها، لكنّها تجيب أنّها لم تنظر إلى الأمور من هذا المنظار لأنّ الدور أتعبها جداً حينها، «لم يكن سهلاً أداء شخصية فتاة يغتصبها والدها بخاصّة أنّه لم يغب عن بالي لحظة أنّ هذه القصة واقعية وقد جرت فعلاً، وأنّها تجسّد دور فتاة حيّة ستشاهد نفسها». غالباً ما كانت تضحك باتريسيا من عبارة «الفنّ رسالة» لأنّها تحوّلت كليشيه سخيف يستعمله الجميع، في مكانه أو في غير مكانه، ولكنّ هاتين الحلقتين من «صارت معي» شعرت فيهما فعلاً بأنّها أدّت رسالة، بخاصّةً بعدما تمّت دعوتها لتلقي كلمة في افتتاح مركز للأولاد المهمّشين، وبعدما علمت أن عدداًً من الحالات بدأت تظهر للعلن وتتفاعل محرّكة الرأي العام. على رغم الأدوار اللافتة التي أدّتها باتريسيا لم تصل بعد لتكون الرقم الصعب الذي يبحث عنه جميع المخرجين والمنتجين، لماذا؟ وهل يجب أن تقدّم تنازلات ترفض القيام بها؟ تقول كَمَن فكّر مطوّلاً في هذا الأمر: «المشكلة هي مجموعة من المشاكل، أولاً إنّ البعض يخافون التعامل معي لأنني أشترط وجود الإحترام في العمل فيكونون عاجزين عن تلبية هذا الشرط ما يؤدّي مباشرة إلى قطع التعامل معهم. ثانياً إنّ كلّ مَن يظهر بكثرة على الشاشة يصبح مركزاً لكل الأضواء والأدوار في حين أن مَن يدرس إطلالاته يُنسى»، وتأخذ نفساً عميقاً وتتابع: «أمّا ثالثاً فالمشكلة أنّ المخرجين يضعون الممثل في خانة واحدة، فحين شاركت في «صارت معي» بدأت تأتيني عروضات لأدوار مركّبة وصعبة، ثمّ حين عملت في «آدم وحوّا» لم يعد أحد يراني إلاّ في الأدوار الكوميدية، لذلك سررت جداً حين عُرِض عليّ الدور في «مؤّبد» لأنّه كسر الصورة الكوميدية التي وُضعتُ فيها». بعيداً من التلفزيون، تشارك باتريسيا حالياً في مسرحية من إخراج لينا خوري عنوانها «صار لازم نحكي»، إضافة إلى إدارتها مع شريكة لها تُدعى كالين برنوتي لمحترَف تمثيلي. تقول: «اشتقت إلى أيام الجامعة حيث كان بإمكاننا أن نختبر أموراً جديدة ونجرّب تفاصيل يخاف منها المنتجون والمخرجون وحتّى الكتّاب، فقررت أن يكون هذا المحتَرَف لقاءً حميماً نتشارك خلاله الأفكار والآراء».