يتطلب الاتجاه إلى تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي في ظل الأزمات والتقلبات في السوق، أنظمة مالية مرنة وشاملة ومتطورة، وقادرة على التعامل مع المستجدات في التوقيت المناسب. واعتبرت شركة «المزايا القابضة» في تقرير أسبوعي، أن القدرة على تحقيق مستوى الانسجام «مرهونة بمستوى التطور في كل دولة وطبيعة الأنظمة والقوانين المالية المطبّقة، فضلاً عن الاستعداد الدائم لإدخال تعديلات جوهرية وثانوية، بما يضمن لها أعلى مستوى من الكفاءة المالية والاقتصادية وأدنى الأخطار الناتجة من تقلبات الأسواق العالمية والأزمات المالية التي باتت جزءاً من الأنظمة المالية والاقتصادية السائدة». ولاحظت أن اقتصادات دول العالم ما ان تخرج من أزمة «حتى تدخل في أزمة أخرى تسببها ظروف داخلية أو خارجية، كما يمكن أن تكون مشتركة». إذ إن الأزمات الخارجية «غالباً ما تؤثر في شكل ملحوظ على الاقتصادات التي تطبق أنظمة مالية ضعيفة». وأشار التقرير الى أن مع هذا المستوى من عدم الاستقرار واستمرار التحديات والأزمات المالية المتتالية، «باتت الحاجة ملحة لاعتماد أنظمة مالية شاملة تغطي كل النشاطات المالية والاقتصادية، وقادرة على الحفاظ على الثروات والأصول في كل الظروف». ولفت إلى أن العلاقة بين الأنظمة المالية القائمة والاستقرار الاقتصادي «باتت عكسية، ومع استمرار تطبيق هذه الأنظمة تتواصل الأزمات والتقلبات في السوق وتتلاشى الاستثمارات بين وقت وآخر». كما باتت واضحة «العلاقة الطردية بين الأزمات المالية وحلولها الجذرية وبين اعتماد أنظمة التمويل الإسلامي الطويل الأجل في كل النشاطات والقطاعات، لما تتمتع به هذه الأنظمة من تنوع على عكس أساليب التمويل التقليدية المحدودة وغير الشاملة»، لأنها بحسب التقرير «تتركز على منح القروض في مقابل الفوائد وخصم الأوراق التجارية، في حين تقوم أنظمة التمويل الإسلامي على المشاركات المتصلة بالتمويل العقاري، إضافة إلى المنتجات القائمة المتعلقة بالتمويل التجاري كالبيع الآجل والتأجير التشغيلي والتمويلي». واعتبر أن كل ذلك «يساهم مباشرة في القدرة على تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، لأن التركيز هنا يكون على التخصيص الأمثل للموارد المتاحة وتنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة، بعيداً من الأنظمة التي تنتج التضخم وتساهم في تقليص النشاط الإنتاجي لمصلحة ذلك المالي». وهكذا رأى التقرير أن الاستقرار الاقتصادي وضمان الحفاظ على قيم الاستثمارات الضخمة المُنفقة على القطاعات الإنتاجية والخدمية، وفي مقدمها قطاعات الطاقة والعقارات والصناعة، تتطلب البحث عن أنظمة مالية تضمن استقرارها واستمرارها، بالتالي لا بد من البحث عن أنظمة مالية تركّز على إدارة الاستثمارات بدلاً من إدارة القروض وعلى الجدوى الاقتصادية للمشاريع، فضلاً عن التشريعات الحافزة للادخار والاستثمار». ورصدت «المزايا» تطور التمويل الإسلامي في شكل متواصل، ويعول عليها في دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة في ظروف الاستقرار والأزمات، في وقت تواجه المشاريع الصغيرة والمتوسطة صعوبات للحصول على التمويل المناسب». وأكد التقرير أن هذه المشاريع «تشكل فرصة استثمارية متميزة لمؤسسات التمويل التي تطبق أنظمة التمويل الإسلامي وتشريعاته، ما يتطلب من المصارف الإسلامية تطوير أدواتها الاستثمارية وتنويعها، وتسهيل آلية استغلال السيولة الكبيرة المتوافرة لديها». وأشارت إلى «ازدياد مستوى المنافسة بين عواصم المال العالمية، لتتصدر قائمة التمويل المتوافق مع الشريعة الإسلامية، إذ تسعى لندن إلى الانضمام إلى إمارة دبي كواحدة من عواصم التمويل الإسلامي على المستوى العالمي، في وقت ينمو قطاع التمويل والاستثمار الإسلامي في شكل سريع، ويتلقى دعماً حكومياً مباشراً نظراً إلى انعكاساته الإيجابية على نمو الاقتصاد البريطاني واستقراره». ولفتت إلى النظام القضائي المتطور الداعم للاستثمار والابتكار والانفتاح على الأعمال واعتباره المركز الأول عالمياً للتمويل، والذي «يشكل الأساس في سعي لندن إلى انضمامها إلى عواصم التمويل الإسلامي». وأوضح التقرير أن السوق المالية البريطانية «تضم ستة مصارف إسلامية وعدداً كبيراً من المكاتب القانونية المتخصصة بالتمويل الإسلامي». كما تسعى الحكومة البريطانية إلى «تعزيز مكانتها لتصبح مركزاً للتمويل الإسلامي، ويطرح التمويل المتوافق مع الشريعة برامج للرهن العقاري». وقدّر حجم التمويل الإسلامي في بريطانيا ب 19 بليون دولار»، مرجحاً أن «تهيء المبادرات الرسمية بيئة مناسبة له، وأن تتيح للبنوك مزيداً من الكفاءة والمرونة في التعاملات وخفض كلفة التمويل». ويرى التقرير ان البيانات تشير إلى «نجاح دبي في تعزيز مكانتها كوجهة عالمية للاقتصاد الإسلامي في العالم»، لافتة إلى «نمو قيمة الصكوك المدرجة في أسواقها المالية بنسبة 167 في المئة، وكان للبنية التنظيمية المتطورة لأسواقها دوراً مهماً في جذب إدراج صكوك صادرة عن حكومات ومؤسسات محلية وإقليمية وعالمية». ونقلت عن بيانات توقعات ب «وصول معدل النمو السنوي المركب للأصول المصرفية الإسلامية في الإمارات الى 17 في المئة حتى عام 2018، وتعكس هذه المؤشرات ازدياد التفاؤل والإيجابية التي تحملها، اعتماداً على الزخم الاستثماري الذي تشهده مبادرة «دبي عاصمة للاقتصاد الإسلامي»، فضلاً عن الدعم الحكومي المباشر لتنشيط عدد كبير من القطاعات الاقتصادية الحيوية». كما تتطلع الدولة إلى «احتلال مركز الصدارة عالمياً في الصيرفة الإسلامية مستندة إلى خبرتها الكبيرة في هذا المجال. فيما تدعم التدفقات الضخمة لإصدارات الصكوك السيادية والمؤسساتية التي تشهدها أسواق المال المحلية، المساعي إلى تحقيق هذا الهدف، اذ وصلت إلى 4.4 بليون دولار نهاية الربع الثالث من العام الماضي». وبذلك تكون استحوذت على نسبة 22 في المئة من الصكوك الإجمالية المصدرة في دول مجلس التعاون الخليجي». وخلُص تقرير «المزايا» إلى أن الصيرفة الإسلامية «أخذت بالتوسع والانتشار في القطاع المصرفي على المستوى العالمي بعد الأزمة المالية عام 2008». ولفت إلى أن اليابان «تدرس فتح أسواقها أمام التمويل الإسلامي، ما يمثل مزيداً من الدعم» للقطاع وانتشاره، «في وقت تجاوز حجمه 1.9 تريليون دولار نهاية النصف الأول من عام 2014، أي بنمو سنوي مركب نسبته 16.9 في المئة خلال السنوات الخمس الماضية، استناداً إلى تقرير «بيت التمويل الكويتي» (بيتك).