لن يضل حجاج بيت الله الحرام النظاميون المداخل المؤدية إلى مكةالمكرمة، فقد وضعت الحكومة السعودية تسهيلات كبيرة، وأعدت مراكز لاستقبال الحجاج من جميع بقاع الأرض بأروع الكلمات والخدمات وكذلك لن تضل الجهات الأمنية طريقها في القبض على الحاج الذي لا يحمل تصريحاً ويحاول الدخول تهريباً إلى المشاعر المقدسة. استعدت الجهات المختصة على مداخل مكةالمكرمة بخطة أمنية محكمة لضبط الحجاج غير النظاميين ممن يرغبون في الدخول بطرق ملتوية، حيث نشرت أكثر من 200 جندي على تلك المداخل. وسيكون أولئك الحجاج أمام الكثير من المشكلات والصعاب، مروراً بمخاطر الركوب مع المهربين الذين لا يبالون بالأنظمة ويعرضون أنفسهم إلى المخاطر، خصوصاً في الطرق التي يسلكونها، ووصولاً إلى الإجراءات التي ستتخذ في حق المضبوطين منهم. وقال مسؤول منافذ مكة النقيب ماجد البقمي ل «الحياة» إن أجهزة الأمن قبضت خلال الأيام الماضية على أكثر من150 شخصاً، وحجزت 10 مركبات حاولت تهريب حجاج غير نظاميين، مشيراً إلى أن النقاط الأمنية العشر تعمل على مدار 24 ساعة متواصلة لضبط المخالفين. وبحسب ما وضعته الحكومة السعودية للقضاء على ظاهرة تهريب الحجاج فإن الحجاج غير النظاميين سيتعرضون إلى المساءلة القانونية بسبب السماح للمهربين بنقلهم وإعطائهم مبالغ مالية مقابل ذلك، خصوصاً في ظل الاستعداد الكبير الذي بدأته الأجهزة الأمنية في مكة، عبر نشر المئات من قوات الأمن على الحدود والمنافذ المؤدية إلى المشاعر المقدسة للتصدي لمن يحاول الدخول. وبدأت أجهزة الأمن السعودية منذ بدء موسم الحج تطبيق عملية المتابعة المستمرة بشكل مكثف للأشخاص الذين لا يحملون تراخيص لأداء الفريضة، وهو ما أكده النقيب البقمي، مشيراً إلى أن ثمة إجراءات حازمة في تنفيذ العقوبات الصادرة من قبل النائب الثاني وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز. ونشطت حركة تهريب الحجاج إلى المشاعر المقدسة من طريق المداخل المؤدية إلى مكةالمكرمة، خصوصاً من مدينة جدة خلال الأيام الماضية، وعلى رغم كل الإجراءات الأمنية والضوابط المعمول بها إلا أن هناك أشخاصاً سعوديين لا يزالون يعملون جاهدين لاستحداث طرق ملتوية يسعون عبرها لإيصال الحجاج غير المصرح لهم بمبالغ تصل إلى 400 ريال للحاج الواحد خلال خمسة أيام مقبلة. وعلى رغم الحصار الأمني الذي تنفذه الجهات الأمنية المشاركة في حج هذا العام على مداخل مكةالمكرمة، إلا أن المهربين يواصلون محاولاتهم، معتقدين قدرتهم على الهروب من رقابة رجال الأمن سواء كانت الدوريات الأمنية أو تلك «العقوم» الترابية التي أغلقت بها جميع المنافذ الترابية المؤدية إلى المشاعر المقدسة. ورصدت «الحياة» خلال اليومين الماضيين طريقة عمل المهربين، إذ تنشط خلال الفترة الحالية على نقل الحجاج المخالفين في أوقات يختارونها باعتبار أنها «أوقات ميتة» بالنسبة لهم، ومن هذه الأوقات «الصباح الباكر» و «آخر الليل»، إذ تسجل أكبر نسبة في عمليات التهريب التي يتم القبض عليها بحسب مصدر أمني تحدث إلى «الحياة»، كما تنشط عمليات التهريب في أوقات يرى فيها المهربون والحجاج غير النظاميين وقتاً مناسباً لهم. وعلى امتداد طريق الشميسي القديم، وطريق «الخواجات» من الجهة الجنوبية لمكةالمكرمة رصدت «الحياة» أمس عدداً من عمليات تهريب الحجاج من خلال متابعة الأجهزة الأمنية لهم ممثلة في دوريات الأمن التي تراقب المنافذ الحدودية، حيث ألقت القبض على عدد من المركبات التي يقودها مهربون يحملون فيها عشرات الحجاج ممن لا يحملون تصاريح حج. ووقفت «الحياة» على مطاردة مثيرة نفذها رجال الأمن على أحد المهربين واسمه (م.أ) استخدم فيها مركبته من نوع تويوتا «كامري» مقلاً أربعة حجاج من جنسيات مختلفة، وتمكنت دوريات الأمن من رصده أثناء انعطافه إلى أحد الطرق الترابية تفادياً لنقاط التفتيش، وعندما لاحظ انتباه دورريات له بدأ المراوغة بسيارته وانطلق مسرعاً بجنون عبر الطريق الترابي، إلا أن دورية الأمن تمكنت من ضبطه قبل أن يبلغ مراده. وتحدث المهرب إلى «الحياة» بعد أن تم إيقافه مع مجموعة المخالفين الحجاج عن بداية الرحلة والتخفي عن الأجهزة الأمنية لإيصال الأشخاص الموجودين في مركبته. وقال: «إن رحلة مغامرته انطلقت من محافظة جدة صباحاً، وكنت اقتنعت بنقل هؤلاء الحجاج إلى مكة مقابل مبلغ مالي يصل إلى 800 ريال، وأكدت لهم أني سأوصلهم إلى وجهتهم سالمين من دون أن تتعرض لهم الأجهزة الأمنية أو يتم القبض عليهم» مشيراً إلى أن الاتفاق نص على دفع المبلغ المالي عند الوصول. وأضاف: «بعد القبض علي ندمت كثيراً، لكن ظروفي المادية دفعتني إلى القيام بهذه المحاولة الفاشلة، إذ أن لدي الكثير من الالتزامات المالية تجاه أسرتي ولابد من الوفاء بها خلال الفترة الحالية، ووجدت أن هذا العمل يمكن أن يمنحني المبلغ الذي أريده في فترة قصيرة». واعترف بأن المهربين يستخدمون أدوات عدة للفرار من رجال الأمن لكنها لم تنجح، على رغم التوقيت الذي يختارونه، مشيراً إلى أن إحكام السيطرة الأمنية على جميع المنافذ عطل الكثير من عمليات التهريب بعد أن تم رصدها من قبل دوريات الأمن. وحول بداية انطلاقته من جدة، قال: «حملت أربعة حجاج، وانطلقت من جدة حتى وصلت إلى نقطة تفتيش الشميسي الرئيسة، وبدأت أفكر في منفذ لكي أصل من خلاله إلى مكة فما كان مني إلا التوجه إلى منفذ حدده لي أحد العاملين في تهريب الحجاج، لعلي أصل إلى هدفي بأسهل وأسرع طريقة». وأضاف «عندما قررت الدخول عبر الطريق الترابي لم أكن أعلم عن هذه اللحظات الصعبة، وحينما سلكت الطريق الترابي وتبعتني الدورية الأمنية ظننت أنني سأتمكن من الهرب إلا أن رجال الأمن تمكنوا من القبض علي ومعي أربعة حجاج بلا تصاريح». وكانت قيادة قوات أمن الحج أكدت الأسبوع الماضي استعدادات السعودية بكل أجهزتها وقطاعاتها لموسم الحج، ووجهت رسالة إلى حجاج بيت الله الحرام غير النظاميين بأنه لن يسمح لهم بالبقاء في بطن وادي منى وفي جميع الطرقات بدءاً من أنفاق المعيصم ونهاية بطريق الملك فيصل وجسر الملك عبدالله وجسر الملك خالد، كما لن يسمح للباعة الجائلين ولن يسمح بالافتراش أو نصب الخيام في أي موقع. وكان اللواء منصور التركي المتحدث الرسمي بوزارة الداخلية السعودية، أعلن عن خطة شاملة لإغلاق المنافذ الرئيسة والترابية أمام المتسللين، وأنه تم القبض على أعداد من المتورطين في قضايا تهريب الحجاج، إضافة إلى جولات جوية على الطرق والمداخل الرئيسة لمكةالمكرمة. فيما طالب المستشار في الديوان الملكي عبدالمحسن بن ناصر العبيكان بتشديد العقوبة على المواطنين والمقيمين الذين يقومون بتهريب الحجاج إلى داخل مكةالمكرمة أثناء موسم الحج من أجل الحج (بلا تصريح)، مشيراً إلى أنهم «آثمون». وأضاف أن الولاء للدين والوطن وولاة الأمر يقتضي الالتزام بالأنظمة والتعليمات، مشيراً إلى أن الذين يهربون الحجاج يرتكبون أمراً محرماً حيث يعصون الله ورسوله وولي الأمر.