شهد لبنان أمس بوادر أزمة سياسية مرشحة للتفاعل في حال قرر وزير الداخلية والبلديات زياد بارود تحويل اعتكافه الذي بدأه أمس في منزله الى استقالة، على خلفية الإشكال الذي حصل بينه وبين المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي الذي أصر خلافاً لرغبته على ممارسة صلاحياته في اصدار عقوبة بحق قائد الدرك العميد انطوان شكور لرفضه تنفيذ مذكرات تقضي بفصل ضباط من مركزهم وإلحاقهم بمراكز أخرى. وكان ريفي عاد عن اصدار العقوبة فور مباشرة شكور بتنفيذ قرارات نقل الضباط. وكان الخلاف بين بارود وريفي بدأ مساء أول من أمس فيما كانت اللجنة الوزارية برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري المكلفة صوغ البيان الوزاري للحكومة مجتمعة في السراي الكبيرة من دون أن تتوصل الى توافق في شأن الموقف من سلاح المقاومة، ما اضطرها الى معاودة الاجتماع بعد ظهر أمس في غياب بارود المعتكف. وعزت مصادر رسمية غياب بارود عن الاجتماع الى انتدابه من رئيس الجمهورية ميشال سليمان لتمثيله في تشييع زوجة نائب كسروان نعمة الله أبي نصر، والذي تزامن مع موعد انعقاد اللجنة الوزارية. وعلمت «الحياة» من مصادر أمنية ووزارية أن خلاف ريفي مع شكور يعود الى فترة سابقة، ويكمن في الأساس في تعذر انعقاد مجلس قيادة قوى الأمن الداخلي في اجتماعات دورية بسبب الانقسام السياسي الحاد الحاصل في البلد والذي انعكس على مجلس القيادة. وكشفت المصادر نفسها أن الخلاف الأخير بين ريفي وشكور بدأ بسبب رفض الثاني تنفيذ مذكرات صادرة عن الأول تقضي بنقل ضباط من الدرك (قوى الأمن الداخلي) من مراكز عملهم الى مراكز أخرى، بينما عمد (شكور) الى نقل ضابط من مقر عمله من دون العودة الى ريفي باعتبار أن هذا التدبير من صلاحياته. وأضافت أن ريفي أعطى شكور مهلة من الاثنين الماضي حتى الخامسة من عصر أول من أمس الخميس لتنفيذ مذكرات الفصل، لكن المهلة انقضت من دون أن ينفذها ما اضطره الى اصدار عقوبة مسلكية بحقه تقضي بتوقيفه في منزله مع منعه من ممارسة أي صلاحيات أو استقبال أي شخصيات. ولفتت الى أن الجهود السياسية تكثفت في الاتجاهات كافة وقبل انقضاء المهلة التي أعطاها ريفي لشكور لتنفيذ مذكرات الفصل وأن الرئيسين سليمان والحريري والوزير بارود شاركوا فيها، إضافة الى عدد من القيادات السياسية. وأكدت المصادر عينها أن رئيس الجمهورية استدعى شكور، وأعلم لاحقاً ريفي بأنه سينفذ المذكرات المتعلقة بنقل الضباط، مشيرة الى أن بارود أبلغ المدير العام لقوى الأمن الداخلي الموقف نفسه في اجتماعهما أول من أمس مع تمنيه عليه بعدم اتخاذ عقوبة بحق شكور، باعتبار أن المشكلة في طريقها الى الحل. وتابعت المصادر أن ريفي استمع الى طلب بارود لكن انقضاء المهلة من دون أن يلتزم شكور بوعده شكل احراجاً له ما اضطره الى اصدار مذكرة التوقيف. وبالنسبة الى قرار بارود الاعتكاف والامتناع عن الحضور أمس الى مكتبه في الداخلية، قالت أوساط قريبة منه ل «الحياة» إنه معتكف ويرفض التحدث الى الإعلام. لكن أوساطاً سياسية قالت إن بارود لوح بالاستقالة من الوزارة أثناء اجتماع لجنة البيان الوزاري. وأضافت أن بارود يعتبر أن مشكلته مع ريفي لم تحل مع أن مشكلة الأخير مع شكور قد حلت. وعزت السبب الى أن ريفي تصرف خلافاً لرغبة الوزير الذي يرفض التعامل معه على هذا الأساس، وإذا كان هناك من يتعاطى معه على أنه مزعج في الداخلية، فليبادر للمجيء بغيره الى الوزارة. لكن تلويح بارود بالاستقالة بقي في حدود الرغبة التي أظهرها أمام أعضاء في لجنة البيان الوزاري، ولن تتطور، وفق المصادر، الى الاستقالة خصوصاً أن الجهود لم تتوقف لمعالجة المشكلة. وفيما رفض ريفي التحدث الى الإعلام، قالت مصادر وزارية واكبت ما حصل إن الأخير لم يخالف تعليمات الوزير إنما أراد أن يمارس صلاحياته، وأن شكور هو الذي خالف التعليمات وتجاوز صلاحياته وكان سبق له أن خالف التعميم الصادر عن وزير الداخلية بعدم التدخل في اعطاء رخص البناء التي هي من صلاحيات البلديات ومع ذلك لم يعتكف الوزير.