لا يزال الجدل محتدماً في شأن نقض طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية قانون الانتخابات ورد المحكمة الاتحادية عليه، فيما طالبت المرجعية الشيعية بعدم تأجيل الانتخابات. جاء ذلك في وقت كشفت مصادر برلمانية وجود اتفاق بين الكتل الكبرى على رد نقض الهاشمي اليوم السبت. وتعكس هذه الخلافات بين السياسيين العراقيين خلفياتهم المذهبية وتوجهاتهم السياسية، ما يعيد الساحة السياسية الى مربع الاصطفافات المذهبية والعرقية. وعلى رغم تفكك الكتل الكبرى ذات الطابع المذهبي، إلا أنها وحدت رؤيتها في شأن رفض أو قبول نقض الهاشمي الذي فُسر باعتباره دفاعاً عن المهجرين العراقيين في الخارج، ومعظمهم من السنة العرب. وأجمعت كتلة «الائتلاف العراقي الموحد» الشيعية التي انقسمت الى «الائتلاف الوطني العراقي» وركيزته الاساسية حزبا «المجلس الاعلى الاسلامي» و «تيار الصدر»، وبين «ائتلاف دولة القانون» الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي ويضم شقي «حزب الدعوة»، على رفض نقض الهاشمي. كما رفضه نواب انسحبوا أخيراً من «الكتلة العراقية» بزعامة اياد علاوي، مثل عزت الشابندر وصفية السهيل ومهدي الحافظ ووائل عبد اللطيف. وعلى الجانب الآخر، تعود «جبهة التوافق» السنية التي تشظت الى أحزاب وكيانات لتصطف خلف الهاشمي بهدف تأييد نقضه. وتنسجم مع هذا الموقف «جبهة الحوار الوطني» التي يزعمها صالح المطلك وبعض النواب السنة مثل عمر الجبوري. أما الأكراد فعادوا ليكونوا الكتلة الوسط التي تستغل حاجة الطرفين اليها في الضغط عليهما لتحقيق مطالبها. وعلى رغم دعوة الرئيس العراقي (كردي) جلال طالباني الكتل النيابية الى «البحث في نقض الهاشمي في صورة موضوعية والنقاط التي أثارها التحالف الكردستاني في ما يتعلق بنسبة تمثيل المحافظات»، إلا أن النواب الاكراد يصرون على أنهم «ما زالوا في مرحلة التشاور وأن مطالبهم بإعادة توزيع مقاعد المحافظات فنية، وليست لها علاقة بقانون الانتخابات». من جهته، أكد النائب عن «التحالف الكردستاني» خالد شواني ل «الحياة» أن «التحالف ما زال يدرس نقض الهاشمي وسيعطي رده يوم غد (اليوم السبت)». ورفض شواني كشف طبيعة الرد الكردي لكنه قال إن «الكرد حريصون على اجراء الانتخابات في موعدها، ولن يسمحوا بدخول العراق في فراغ دستوري». واستبعد شواني أن «يصل البرلمان الى حل توافقي السبت لكن هذا لن يؤثر في موعد الانتخابات ضمن المهلة الدستورية لأن لدينا وقتاً لاجراء الانتخابات حتى 31 كانون الثاني (يناير) المقبل». كما رفض الربط بين تهديد الاكراد بالمقاطعة اذا لم تعدل مقاعد المحافظات وبين نقض الهاشمي»، مشيراً الى أن «مطلب الكرد ممكن تلبيته حتى بعد المصادقة على القانون لأن المسألة فنية وتتعلق بوزارة التجارة لأن هناك تفاوتاً كبيراً بين ما أعلنته وزارة التجارة وبين احصاءات وزارة التخطيط». وفي إطار الجدل حول النقض، اعتبرت الهيئة الاستشارية الخاصة بالهاشمي أن «قرار المحكمة الاتحادية لم يكن خارج نقض الهاشمي لقانون الانتخابات، ودعت البرلمان الى العمل على عجل لتحويل قانون الانتخابات من قانون يخرق الدستور إلى قانون آخر يلتزم به». وأوضحت في بيان لها أمس أن «قرار المحكمة الاتحادية كان واضحاً لناحية إشارته إلى أن المواطنين العراقيين سواسية في استحقاقاتهم الانتخابية، وبالتالي لا يجوز لقانون أن يناقض المبادئ الدستورية، والنقض أساساً جاء بسبب عدم دستورية القانون الحالي، إذ أكد كتاب المحكمة الدستورية أن البرلمان يتكون من عدد من الأعضاء بنسبة مقعد واحد لكل مئة ألف نسمة من نفوس العراق يمثلون الشعب العراقي بأكمله». ورأت المحكمة الاتحادية أول من أمس أن «تكوين البرلمان تحكمه المادة 49 من الدستور، وهو ينص على أن لكل مئة ألف (نسمة) مقعداً واحداً، ويتم مراعاة جميع مكونات الشعب. ومن استقراء النقض المقدم من الهاشمي نجد أن الدستور لم يميز بين عراقيي الخارج والداخل، وأن القرار اشترط تمثيل جميع مكونات الشعب العراقي». ويطالب الهاشمي بزيادة عدد المقاعد التعويضية المخصصة للأقليات والمقيمين في الخارج والقوائم الانتخابية الصغيرة من خمسة في المئة الى 15 في المئة في البرلمان المقبل. وأعربت المرجعية الشيعية بدورها عن قلقها من «تأجيل موعد الانتخابات». وقال الشيخ عبد المهدي الكربلائي ممثل المرجع الأعلى آية الله السيد علي السيستاني في خطبة صلاة الجمعة أمس في الصحن الحسيني إن «هناك تخوفاً من أن تعود الأمور الى المربع الأول، إذ حصلت تطورات جديدة وعادت الهواجس والشعور بالقلق لدى المرجعية العليا الدينية لضيق الوقت، إذ أن المفوضية لا تستطيع ربما اكمال استعدادتها لاجراء الانتخابات في موعدها». وأضاف: «نأمل من كل الكتل السياسية أن تتوصل الى حل منطقي ومعقول لهذه التطورات كي تُقام الانتخابات في الوقت المحدد».