تجاوز الشمال اللبناني أمس تفاعلات جريمة اغتيال شقيق رئيس «الحزب العربي الديموقراطي» بدر عيد ليل أول من أمس، بفعل جهود الفاعليات السياسية الشمالية، إذ التقى «حزب الله» وتيار «المستقبل» على إدانة الجريمة، وكذلك حلفاء كل منهما، وسط دعوات إلى ضبط النفس وعدم الانجرار وراء التحريض المذهبي، خصوصاً أن المغدور من الطائفة العلوية وتردد أن مجموعة متطرفة أطلقت النار عليه في إحدى قرى عكار. وواصل الجيش اللبناني إجراءاته لتعقب المسلحين المتطرفين في منطقة عكار، في إطار ملاحقة المجموعات التي اشتبكت مع وحداته أواخر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، واستشهد جندي أثناء محاولة دورية إلقاء القبض على أحد المطلوبين، الذي قتل بدوره. (للمزيد) وشهد لبنان أمس انفراجاً في أزمة تعليق اجتماعات الحكومة، فدعا رئيسها تمام سلام الى عقد جلسة لمجلس الوزراء غداً الخميس بعد انقطاع دام 3 أسابيع، بفعل الخلاف على آلية اتخاذ القرارات الحكومية وتعطيلها من بعض الوزراء بحجة اعتماد صيغة التوافق في ظل الشغور الرئاسي. ودعا سلام جميع مكونات الحكومة الى «تسيير عجلة الدولة على أساس التوافق الذي يتسع للتباين في الآراء من دون أن يكون ذريعة للعرقلة أو التعطيل». وكرر دعوته الى انتخاب رئيس للجمهورية لإعادة التوازن الى المؤسسات الدستورية. وعلمت «الحياة» من مصادر ديبلوماسية، أن التحركات الخارجية المتعلقة بملف الرئاسة ستتواصل لحث القوى الإقليمية على لعب دورها في إنهاء الشغور الرئاسي. وذكرت المصادر أن الاتحاد الأوروبي يدرس إمكان إرسال وفد منه الى طهران لحثها على لعب هذا الدور مع حلفائها اللبنانيين. وأوضحت المصادر أن عدداً من السفراء الغربيين أخذوا يلحون على انتخاب رئيس كي ينتظم عمل المؤسسات، ليتمكنوا من تقديم الدعم والمساعدة للبنان. وذكرت المصادر أن سفيرة الاتحاد الأوروبي أنجيلينا إيخهورست والسفير الفرنسي باتريس باولي وممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ، اجتمعوا أمس مع الرئيس سلام وتناولوا معه مسألة تأخر لبنان في إقرار اتفاقات قروض ومساعدات لمشاريع محددة في لبنان، سواء في مجلس الوزراء أو في مجلس النواب. وأشارت المصادر الى أن سلام برّر لهم هذا التأخر بالوضع السياسي الناجم عن الشغور الرئاسي، الذي يعيق قيام الحكومة والمجلس النيابي بدوريهما على هذا الصعيد، بسبب التجاذب الحاصل في شأن اتخاذ القرارات والتشريع في غياب رئيس الجمهورية. وحث سلام الديبلوماسيين الثلاثة على بذل المجتمع الدولي مساعيه مع القوى الخارجية المؤثرة في لبنان كي تساهم في التعجيل بانتخاب رئيس، للخروج من الجمود والشلل في المؤسسات التي تشكل الرئاسة حلقة الوصل بينها. وكان موضوع الرئاسة أخذ حيزاً أساسياً من جولة الحوار بين تيار «المستقبل» و «حزب الله» التي عُقدت أول من أمس برعاية رئيس البرلمان نبيه بري، وقالت مصادر المتحاورين إن «حزب الله» أثار الموضوع، داعياً الى انتخاب رئيس يتمتع بالتمثيل المسيحي الواسع ولا يخضع لأي ضغوط أو شروط خارجية ويستمد قوته من قوة شعبيته. واعتبر ممثلو الحزب أن هذه المواصفات تنطبق على العماد ميشال عون، الذي يدعم الحزب ترشحه للرئاسة. وأوضحت المصادر نفسها أن ممثلي «المستقبل» كرروا أنهم يدعمون مجيء رئيس يتوافق عليه الفرقاء، وهذا يتطلب أن يكون مقبولاً من جميع الأطراف. وشددوا على «أننا في حوار وتواصل مستمر مع العماد عون كما تعلمون. وسبق أن قلنا إن لا فيتو على أحد لكن المواصفات التي نذكرها تتطلب أن يحصل توافق على العماد عون من قبل معظم الفرقاء، لا سيما المسيحيين، لكن هذا لم يحصل». إلا أن كتلة «المستقبل» النيابية هاجمت بقوة قول رئيس المجلس السياسي ل «حزب الله» السيد إبراهيم أمين السيد، إن «المكان الجدي للبحث في الرئاسة هو التفاهم مع العماد عون... ومن دون تفاهم معه هذا تعطيل للأخلاق»، ورأت أن هذا الكلام «يُظهر من يعطل انتخاب الرئيس ويدفع البلاد لتكون في وضعية الرهينة حتى إيصال مرشح بعينه للرئاسة». واتهمت الكتلة الحزب بأنه يساهم باستمرار الشغور الرئاسي «بعد أن عرّض لبنان لمخاطر فادحة عبر انفراده بالمشاركة في محور إقليمي والقتال في سورية، الى جانب نظام جائر». ورأت كتلة «المستقبل» أن «حزب الله» اختار مرشحه للرئاسة ويحاول فرضه مرشحاً وحيداً على جميع اللبنانيين».