أعلن المعارض الروسي البارز غاري كاسباروف، أن اغتيال المعارض بوريس نيمتسوف بالرصاص على بعد أمتار من الكرملين ليل الجمعة الماضي أحبط آمال حصول تحول سياسي سلمي في البلاد، بعيداً من حكومة الرئيس فلاديمير بوتين. ورسم كاسباروف الذي يعيش في منفى اختياري في الولاياتالمتحدة، مستقبلاً كئيباً للمعارضة السياسية الروسية بعد قتل نيمتسوف، وقال: «تطلع نيمتسوف عبثاً الى رؤية شكل من التحول السياسي نحو نظام حكم عادي ديموقراطي مدني. وهو كان أحد المدافعين الروس البارزين عن التعبير السياسي غير العنيف». وتابع: «لا أرى فرصة لانتقال الروس الآن من الديكتاتورية الوحشية لبوتين إلى حكم حتى معتدل كما كان الأمر قبل عشر سنوات، وحصول هذا التغيير يتطلب انتفاضة جماهيرية عنيفة». وفيما وصف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمام مجلس حقوق الإنسان في الأممالمتحدة اغتيال نيمتسوف بأنه «جريمة بشعة»، مؤكداً إشراف الرئيس بوتين على التحقيق لتقديم الجناة إلى العدالة، لم يحرز المحققون تقدماً كبيراً لاعتقال منفذي الجريمة، علماً أن لجنة التحقيق كانت نبهت السبت الماضي الى أنها لن تدلي بأي تعليق حول التقدم الذي تحقق ل «تجنب الإثارة والتحريض». وكانت وسائل الإعلام الروسية تناقلت السبت خبر تعرُّف الشرطة الى سيارة تركها القتلة قرب مسرح الجريمة، فيما قال المحققون انهم «لا يستبعدون أي فرضية، وبينها ارتباط الجريمة بدوافع سياسية أو إسلامية بسبب دعم نيمتسوف صحيفة «شارلي إيبدو» الفرنسية الساخرة التي استهدفها هجوم إرهابي في باريس مطلع كانون الثاني (يناير)، وكذلك وقوف متطرفين على صلة بنزاع أوكرانيا خلف الجريمة. وكشف مقربون من نيمتسوف عن أنه كان في صدد إعداد تقرير عن دعم جنود روس انفصاليي شرق أوكرانيا، وهو ما تنفيه موسكو. واللافت أن لجنة التحقيق يرأسها الجنرال إيغور كراسنوف المعروف بعمله حول الأوساط القومية والمتطرفة، خصوصاً في تحقيقات خاصة بمحاولة اغتيال أناتولي تشوباييس المقرب من السلطة عام 2005، وجريمة قتل المحامي ستانيسلاف ماركيلوف والصحافية اناستازيا بابوروفا عام 2009. وأبدى رفاق نيمتسوف دهشتهم لحصول الجريمة «الدقيقة التخطيط في مكان يخضع لرقابة قوات الأمن». واستبعد أبرز معارضي الكرملين أليكسي نافالني عدم مراقبة أجهزة الأمن نيمتسوف عشية تنظيم المعارضة تظاهرة في ضاحية موسكو، وقال: «من خلال تجربتي، لا يمكن أن يتنزه نيمتسوف قرب الكرملين ليلة اغتياله من دون أن تراقبه عيون غريبة». وأشار محللون الى أن عدداً كبيراً من الكاميرات تراقب موقع الاغتيال القريب من الكرملين، حيث ينتشر أيضاً عملاء سريون بثياب مدنية. وكشفت صور رديئة بثتها شبكة «تي في سي» الروسية والتقطتها كاميرا منصوبة على مسافة بعيدة فوق الجسر حيث قتل نيمتسوف، عما اعتبر وقائع عملية الاغتيال. لكن نيمتسوف وصديقته عارضة الأزياء الأوكرانية آنا دوريتسكايا (23 سنة) حجبتهما لحظة ارتكاب الجريمة جرافة لإزالة الثلوج في زاوية الكاميرا. وأظهرت هذه الصور رجلاً قيل إنه القاتل يركض نحو الطريق، قبل أن يستقل سيارة واضحة اللون تنتظره، ويغادر المكان». وإذا كانت المعلومات الأولية ألمحت الى أن القاتل أطلق النار على نيمتسوف من سيارته، أظهرت المشاهد المعروضة أن الشخص انتظر ضحيته على الجسر. وأفادت شبكة «لايف نيوز» التلفزيونية الروسية بأن صديقة نيمتسوف وفرت معلومات سمحت للمحققين برسم صورة تقريبية للقاتل عبر مطابقة أقوالها مع أقوال شاهد ثانٍ. وتواجه عارضة الأزياء (23 سنة) التي كانت تحت حماية الشرطة، «وضعاً معنوياً صعباً»، كما قال محاميها. وطلبت السماح لها بالعودة الى كييف، ووعدت بالعودة إلى روسيا إذا تطلب التحقيق ذلك. وأول من امس، شارك آلاف في مسيرة تكريمية لنيمتسوف توجهت الى الجسر قرب الكرملين الذي غطي بزهور وشموع ورسائل. وعلى هامش المسيرة، أوقفت الشرطة النائب الأوكراني اليكسي غونتشارينكو واستجوبته، ثم أطلقته امس على ألا يتعرض لملاحقات قانونية. وكان لافتاً ربط بعض وسائل الإعلام اغتيال نيمتسوف ب «مناخ الخوف» الذي أشاعه الكرملين. لكن صحيفة «كومسومولسكايا برافدا» الشعبية استبعدت الخلفية السياسية للجريمة، وكتبت: «نحن لسنا في أوكرانيا، نقتل من أجل المال، أما من أجل السياسة فلا».